ينافي (١) القطع بعدم حجيته لدى الشارع ، وعدم كون المكلف معذورا ـ إذا عمل به فيها ـ فيما (٢) أخطأ ؛ بل كان (٣) مستحقا للعقاب ولو فيما أصاب لو بنى (٤) على حجيته ، والاقتصار عليه لتجريه (٥). فافهم (٦).
______________________________________________________
مخالفته أحيانا للواقع ، فمع المصادفة تحصل براءة الذمة عن الواقع.
نعم ؛ إذا كان النهي موضوعيا لحدوث مفسدة في سلوك القياس غالبة على مصلحة الواقع ، فلا يكون حينئذ : ظنا بالفراغ ؛ لصيرورة الواقع بسبب سلوك القياس مبغوضا ؛ لكن ظاهر النهي عنه هو : الأول ، فالظن بالواقع الناشئ من القياس يستلزم الظن بالفراغ حينئذ.
(١) هذا دفع لتوهم التنافي بين الظن بفراغ الذمة من الظن القياسي ، وبين نهي الشارع عنه المستلزم لعدم اعتبار الظن الحاصل من القياس ، وبينهما تناف واضح.
وحاصل الدفع : أن الظن بالفراغ لا ينافي القطع بعدم حجية الظن بالواقع الحاصل من مثل القياس ؛ إذ الظن بالفراغ لا ينافي عدم الحجية ؛ بل العقاب أيضا ، فلو ظن الإنسان بالحكم من القياس ظن بالفراغ لو أتى بذلك الحكم المظنون ، وهذا الظن لا ينافي عدم الحجية الشرعية ؛ بل لا ينافي أن يعاقب على اتباعه للقياس ، كما أشار إليه بقوله : «وعدم كون المكلف معذورا إذا عمل به» أي بذلك الظن غير المعتبر.
والضمير في «فيهما» راجع إلى الظن بالواقع والظن بالطريق الحاصلين من الظن الذي يقطع بعدم حجيته شرعا كالقياس.
(٢) متعلق بقوله : «معذورا».
(٣) أي : بل كان المكلف مستحقا للعقاب ؛ لتفويته الواقع باختياره بما أخطأ.
(٤) أي : لو بنى المكلف على حجية ذلك الظن غير المعتبر كالقياس ؛ لكن العقاب حين الإصابة يكون على التشريع ؛ إذ المفروض : أنه بنى على حجيته ، وفي صورة الخطأ يكون على تفويت الواقع والتشريع معا.
(٥) علة لاستحقاق العقوبة في صورة الإصابة ، والمراد بالتجري هو : التشريع.
(٦) لعله إشارة إلى أن العقاب على سلوك القياس لا ينافي الحكم بالفراغ عن الواقع في صورة الإصابة. أو إشارة إلى ما ذكرناه من التنافي بين نهي الشارع عن القياس ، وبين حكمه بفراغ الذمة فيما لو اتبع الظن القياسي ؛ لأن مقتضى نهي الشارع عن القياس بقول مطلق : عدم ترتيبه أي أثر عليه ، وحكمه بفراغ الذمة بالعمل بالقياس نقض لنهيه عن القياس مطلقا ، فلا يوجب الظن القياسي ظنا بفراغ الذمة أصلا.