بحيث كان له امتثالان وطاعتان ، إحداهما : بحسب القلب والجنان ، والأخرى : بحسب العمل بالأركان ، فيستحق العقوبة على عدم الموافقة التزاما ولو مع الموافقة عملا ، أو لا يقتضي؟ فلا يستحق العقوبة عليه ؛ بل إنما يستحقها على المخالفة العملية.
الحق هو الثاني لشهادة الوجدان (١) الحاكم في باب الإطاعة والعصيان بذلك ،
______________________________________________________
إنه يريد منه الالتزام بالمعنى الثاني وهو عقد القلب ؛ وذلك لخروج المعنى الأول عن محل النزاع قطعا. هذا مخلص الكلام في تحرير ما هو محل الكلام في المقام.
ثم الفرق بين الموافقة العملية والموافقة الالتزامية هو : اختصاص الأولى بالأحكام الإلزامية كالوجوب والحرمة ، هذا بخلاف الموافقة الالتزامية ، فإنها لا تختص بالأحكام الإلزامية ، بل تجري في غيرها.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام في أنه هل تجب الموافقة الالتزامية كما تجب الموافقة العملية عقلا ؛ «بحيث كان له امتثالان وطاعتان ، إحداهما : بحسب القلب والجنان ، والأخرى : بحسب العمل بالأركان ، فيستحق العقوبة على عدم الموافقة التزاما ولو مع الموافقة عملا ، أو لا يقتضي؟».
فحاصل كلام المصنف في المقام هو : أن تنجز التكليف هل يقتضي عقلا وجوب إطاعتين إحداهما : عملية والأخرى : التزامية ، وحرمة مخالفتين كذلك أم لا يقتضي إلا وجوب إطاعة واحدة وهي العملية وحرمة مخالفة كذلك؟
وقد اختار المصنف عدم وجوب الموافقة الالتزامية حيث قال : «الحق هو الثاني» يعني :
عدم اقتضاء تنجز التكليف وجوب الموافقة الالتزامية.
(١) هذا استدلال على ما اختاره المصنف من عدم اقتضاء تنجز التكليف لوجوب الموافقة الالتزامية. وحاصله : أن مناط استحقاق العقوبة ـ وهو هتك حرمة المولى والطغيان عليه ـ مفقود في المخالفة الالتزامية ؛ إذ المفروض : أن الغرض من التكليف ـ وهو إحداث الداعي في نفس العبد إلى إيجاد ما فيه المصلحة الداعية إلى التشريع ـ متحقق على فرض الموافقة العملية وإن لم تتحقق الموافقة الالتزامية ؛ لأن العقل لا يرى العبد الممتثل عملا تحت الخطر وإن لم يكن ملتزما لحكم المولى اعتقادا.
نعم ؛ عدم التزامه اعتقادا بتكليف المولى يوجب نقصانه عن كمال العبودية ؛ لا انحطاطه عن أصلها ؛ لكن النقصان عن مزايا العبودية وعدم الفوز بها لا يوجب استحقاق العقوبة ، لما عرفت من أن سبب استحقاقها هو الهتك وعدم المبالاة بأحكام المولى ، وهو مفقود في من يمتثل أحكام المولى عملا ، ولا يوافقها التزاما. وهذا ما أشار