إن قلت : كيف يقع مثل الخروج والشرب ممنوعا عنه شرعا ومعاقبا عليه عقلا؟ مع بقاء ما يتوقف عليه على وجوبه ، ووضوح سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة ، ولو كان بسوء الاختيار ، والعقل قد استقل بان الممنوع شرعا كالممتنع عادة أو عقلا.
قلت : أولا : إنما كان الممنوع كالممتنع ، إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقل المحذورين ، وقد عرفت لزومه بحكمه ، فإنه مع لزوم الإتيان بالمقدمة عقلا ، لا بأس في بقاء ذي المقدمة على وجوبه ، فإنه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع ، كما إذا كانت المقدمة ممتنعة.
______________________________________________________
دار الغير عن نفسه حيث إنّ الواجب لا ينحصر مقدمته على الحرام ومع الانحصار إمّا أن يسقط وجوب الواجب أو يرتفع حرمة المقدمة ، ولو فرض بقاء الواجب على وجوبه فيكون ارتكاب تلك المقدمة حسنا عقلا وواجبا غيريا بالفعل شرعا ومع قطع النظر عن توقّف الواجب عليها يكون قبيحا ذاتا ومحرّما شرعا.
والحاصل أنّ الالتزام بوقوع الحركة الخروجية في الدار المغصوبة عصيانا للنهي السابق الساقط مساوق للالتزام بسقوط التكليف عن إفراغ نفسه عن الغصب.
فإنّه يقال : يلتزم بفعليّة التكليف بالأهمّ وهو إفراغ نفسه عن الغصب ، ويكفي في وجوبه فعلا سقوط حرمة مقدّمته بالفعل وإرشاد العقل إلى اختيارها اقتصارا على أقلّ المحذورين ، وليس المراد أنّ الحركة الخروجية لم تكن محرّمة أصلا أو لم تصدر عن المكلّف مبغوضا فإنّ ذلك ينافي حرمة الغصب مطلقا ، بل لا يمكن الالتزام بعدم حرمة التصرّف الخروجي على تقدير الدخول بأن تكون تلك الحركة على تقدير الدخول غير محرّم لا يستحقّ المكلّف عليها عقابا فإنّ هذا بمعنى تحريم الشيء على تقدير تركه ، فالحركة الخروجية محرّمة على تقدير ترك الدخول ، وهذا من قبيل