وكذلك لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم بل الغائب حقيقة ، وعدم إمكانه [١] ، ضرورة عدم تحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة إلّا إذا كان موجودا ، وكان بحيث يتوجه إلى الكلام ، ويلتفت إليه.
ومنه قد انقدح أن ما وضع للخطاب ، مثل أدوات النداء ، لو كان موضوعا للخطاب الحقيقي ، لأوجب استعماله فيه تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين ، كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره ، لكن الظاهر أن مثل أدوات النداء لم يكن موضوعا لذلك ، بل للخطاب الإيقاعي الإنشائي ، فالمتكلم ربما يوقع الخطاب بها تحسّرا وتأسفا وحزنا مثل :
يا كوكبا ما كان أقصر عمره |
|
... |
أو شوقا ، ونحو ذلك ، كما يوقعه مخاطبا لمن يناديه حقيقة ، فلا يوجب استعماله في معناه الحقيقي ـ حينئذ ـ التخصيص بمن يصح مخاطبته ، نعم لا يبعد دعوى الظهور ، انصرافا في الخطاب الحقيقي ، كما هو الحال في حروف الاستفهام والترجي والتمني وغيرها ، على ما حققناه في بعض المباحث السابقة ، من كونها موضوعة للإيقاعي منها بدواع مختلفة مع ظهورها في الواقعي منها انصرافا ، إذا لم يكن هناك ما يمنع عنه ، كما يمكن دعوى وجوده غالبا في كلام الشارع ، ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل : (يا أيها الناس اتقوا) و (يا أيها المؤمنون) بمن حضر مجلس الخطاب ، بلا شبهة ولا ارتياب.
______________________________________________________
ذلك العنوان كما لا يخفى.
[١] وذكر قدسسره في الجهتين الثانية والثالثة أنّه لا يصحّ خطاب المعدوم خطابا حقيقيّا بأن يراد من المعدوم التفاته إليه ، بل لا يمكن توجيه الكلام إليه وإلى المخاطب الغائب حقيقة ، حيث إنّ المعدوم بل الغائب غير صالح للتوجيه المزبور.