يكون من تبعة بعده عن سيده بتجرّيه عليه ، كما كان من تبعته بالعصيان في صورة المصادفة ، فكما أنه يوجب البعد عنه ، كذلك لا غرو في أن يوجب حسن العقوبة ، وإن لم يكن باختياره إلّا أنه بسوء سريرته وخبث باطنه ، بحسب نقصانه واقتضاء استعداده ذاتا وإمكانه ، وإذا انتهى الأمر إليه يرتفع الإشكال وينقطع السؤال ب (لم) فإن الذاتيات ضروري الثبوت للذات.
وبذلك أيضا ينقطع السؤال عن أنه لم اختار الكافر والعاصي الكفر والعصيان؟ والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان؟ فإنه يساوق السؤال عن أن الحمار لم يكون ناهقا؟ والانسان لم يكون ناطقا؟.
وبالجملة : تفاوت أفراد الإنسان في القرب منه تعالى والبعد عنه ، سبب
______________________________________________________
واقتضاء استعداده ، وإذا انتهى الأمر إلى اقتضاء ذات ممكن الوجود واقتضاء استعداده يرتفع الإشكال وينقطع السؤال عن علته ، فإن الذاتيات ضروري الثبوت للذات وينقطع السؤال عن علة اختيار الكافر والعاصي الكفر والعصيان واختيار المطيع والمؤمن الإطاعة والايمان. فإنّه يساوق السؤال عن أن الحمار لم يكون ناهقا؟ والإنسان لم يكون ناطقا؟ وقد أوجز كلّ ذلك بأنّ تفاوت أفراد الإنسان في القرب منه تعالى والبعد عنه سبب لاختلافهم في استحقاق الجنة ودرجاتها والنار ودركاتها وموجب لاختلافهم في نيل الشفاعة وعدمه ، وتفاوتها أخيرا يكون ذاتيا والذاتي لا يعلل.
ثمّ تعرّض لما يمكن أن يقال بأنّه لو كان الأمر كما ذكر فلا فائدة في بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإنذار فأجاب : بأن الفائدة اهتداء من طابت سريرته وطينته إلى ما يكمل به نفسه من العمل إلى المقربات إليه سبحانه ، وليكون حجة على من ساءت سريرته وخبثت طينته في استحقاقه الهلاك باختياره ارتكاب المهلكات