فلا شكّ (١) في عدم خروج الكلام عن الإجمال بعد أيضا ، مع أنّ إثبات الترجيح ببعض ما ذكر غير تامّ.
فاللازم رفع اليدين عن الحديثين والكلام في كلّ من الاحتمالات الثمانية عشر بخصوصه.
ثمَّ بعد ملاحظة أنّ ببيان حكم كلّ من السهو والشك يظهر حكم احتمالات المعنى الأعم ، يبقى اللازم بيان حكم ثمانية احتمالات ، وهي التي ذكرها طائفة من متأخّري المتأخّرين (٢).
فنقول :
الاحتمال الأوّل :
أن يشكّ في نفس الشك ، بأن شكّ في أنّه هل شكّ أم لا.
فقيل : لا يلتفت إليه (٣) ، لأصالة عدمه.
وقيل : إن كان زمان الشكّين واحدا فهو شاكّ في أصل الفعل ، فيحكم بمقتضاه. وإن كان في زمانين فإن كان في هذا الزمان أيضا شاكّا فيما شكّ في شكّه فكالأوّل ، وإلاّ فيحكم بمقتضى علمه وجزمه ، ولا يتيقّن بالشكّ السابق ، والأصل عدمه (٤).
ولا يخفى أنّ الظاهر من الشك في الشك هو ما كان في زمانين دون الأوّل. والبناء فيه على اليقين منه بإطلاقه غير جيّد. وأصالة عدم الشكّ غير تامّة ، لأصالة عدم اليقين أيضا ، لأنّ كلا منهما حادث ، لأنّ الموجود سابقا هو اليقين بفعل آخر غير ما شكّ في الشك فيه.
__________________
(١) جواب لقوله : ولو فرض ترجيح بعض المعاني.
(٢) منهم المجلسي في البحار ٨٥ : ٢٥٧ ، وصاحبا الحدائق ٩ : ٢٥٩ ، والرياض ١ : ٢٢٠.
(٣) انظر : الروضة ١ : ٣٤٠ ، ونسبه في البحار ٨٥ : ٢٥٧ إلى الأصحاب.
(٤) البحار ٨٥ : ٢٥٧.