الترتيب ، ثمَّ قال : وجماعة من علمائنا ضيّقوا الأمر في ذلك وشدّدوا على المكلف غاية التشديد (١).
فإنّ نسبة الترتيب إلى الأكثر والتضييق إلى جماعة مشعرة باختلاف المسألتين.
وكيف يعلم اتحاد المسألتين وكون القول بالترتيب مترتبا على القول بالفورية والتضيق مع أنّ كثيرا من علمائنا عنونوا المسألة بوجوب تقديم الفائتة وعدمه ، ولم يتعرّضوا للفورية وما يترتب عليها ، كما في نهاية الشيخ والتحرير والإرشاد والقواعد والنافع وغيرها (٢)؟!.
بل يشعر التفصيل بين الفائتة الواحدة والمتعددة وفائتة اليوم وغيرها أنّ الكلام في مسألة الترتيب غير الكلام في التضيق والفورية.
نعم لما كانت طائفة من القائلين بالترتيب كانوا يقولون بالفور أيضا ، بل كان الترتيب عندهم لأجل الفورية واستدلّوا بكون الأمر للفور ، فلأجله توهّم بعضهم اتحاد المسألتين.
وبالجملة الظاهر ـ كما قلنا ـ اختلاف المسألتين ، وعلى هذا فلا يمكن دعوى الشهرة على الفورية أيضا ، بل الظاهر أنّها على المواسعة ، إذ لم يتعرض لفورية القضاء إلاّ من ذكر ، أو مع نادر غيرهم ، وظاهر بعض القدماء كون المواسعة إجماعية (٣) ، ونسبها في الذخيرة ظاهرا إلى شهرة القدماء (٤) ، كما يأتي في المسألة السابعة.
وكيف كان ، فالحقّ عدم الفورية وجواز التأخير ، للأصل الخالي عمّا يصلح للمعارضة رأسا ، ولزوم العسر والحرج المنفيين ، بل التكليف بما لا يطاق عادة في بعض الأحيان لولاه ، وعمل المسلمين من السلف والخلف ، إذ قلّ من لم تتعلق ذمته بفائتة ولو لإخلال شرط أو ترك تقليد سيّما في أوائل بلوغه ، ومع ذلك ينامون
__________________
(١) التذكرة ١ : ٨٢.
(٢) انظر : ص : ٢٧٨ ، هامش رقم : ٢.
(٣) انظر : ص ٢٨٨.
(٤) الذخيرة : ٢١٠.