ويجلسون ويكتسبون ويصلّون في أوائل الأوقات ، مع أنّ المشهور عندهم أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضده ، وما يأتي من المستفيضة المجوّزة لتأخير الفائتة عن الحاضرة ، مع أنّ كل من يقول بجواز تأخيرها عنها يقول بعدم الفورية.
وصحيحة ابن سنان : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رقد فغلبته عيناه ولم يستيقظ حتى آذاه حرّ الشمس ، ثمَّ استيقظ فعاد ناديه ساعة وركع ركعتين ثمَّ صلّى الصبح » (١).
قوله « فعاد ناديه ساعة » أي : عاد إلى مكانه الذي فيه أصحابه فمكث ساعة ، ولو كان فوريا لما أخّر ذلك القدر ، وكذا لم يحوّل من مكانه قبل القضاء ، مع أنّ في مضمرة سماعة تنحيّه عنه قبله (٢) ، وفي صحيحة زرارة مع ذلك مخاطبته لبلال واستماع جوابه وأمر الأصحاب بالتنحّي عن مكان الغفلة (٣).
والقدح في هذه الأخبار ، بإيجابها القدح في النبي باعتبار رقوده عن فرض ، سيّما مع أنّه لا ينام قلبه ، وسيّما مع تضمّن بعضها لقوله عليهالسلام : « إنّما نمتم بوادي الشيطان » الدالّ على أنّ منشأ نومهم تسلّط الشيطان مع أنّ سلطانه على الّذين يتولونه لا على المؤمنين الذين معه.
مخدوش جدّا ، لمنع كون رقوده قدحا فيه بل رحمة للأمة كما ورد في بعض هذه الأخبار (٤). وإنامته سبحانه له لمصلحة لا توجب قدحا فيه أصلا ، ولا ينافي تيقظ قلبه. وكونه وادي الشيطان لا يدلّ على تسلّطه على الجميع ، غايته إنامته لبعض منهم ، وهذا ليس بمنفي ، إذ لم يكن الجميع من أهل العصمة بل لعلّ أهل النفاق كانوا فيهم أيضا.
وتدلّ على المطلوب أيضا صحيحة زرارة الطويلة ، وفي آخرها : « أيّهما ـ أيّ : أيّ العشاءين ـ ذكرت فلا تصلّيهما إلاّ بعد شعاع الشمس » قال ، قلت : لم
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٦٥ ـ ١٠٥٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ ـ ١٠٤٩ ، الوسائل ٤ : ٢٨٣ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٢٩٤ الصلاة ب ١٢ ح ٨ ، الوسائل ٨ : ٢٦٧ أبواب قضاء الصلوات ب ٥ ح ١.
(٣) الذكرى : ١٣٤ ، الوسائل ٤ : ٢٨٥ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦.
(٤) انظر : الكافي ٣ : ٢٩٤ الصلاة ب ١٢ ح ٩.