بالعلم به لئلاّ يلزم التكليف بما لا يطاق ، ولعدم تبادر صورة الجهل من الإطلاق ، بل ظهور عدمه.
ومنه يظهر اختصاص سائر ما استدلّوا به أيضا على الترتيب لو تمّت دلالته.
مع أنّه على فرض إطلاق الأدلّة يجب التخصيص ، لامتناع التكليف بالمحال والحرج ، اللازمين لكثير من صور وجوبه ، مع عدم القول بالفرق كما صرّح به جماعة (١) ، مضافا إلى أنسبيته بالملّة السمحة ، وشهرته بين الطائفة.
ويضعف الأصل بوجود الدليل على وجوب الترتيب ، وهو استصحاب وجوبه قبل عروض الجهل به.
والمسلّم من تقييد التكليف بالعلم إنّما هو في الجملة ، ولا دليل على تقييده بالعلم من جميع الجهات حتّى التعيين من بين أمور يمكن الامتثال بالإتيان بالجميع.
ولزوم العسر والحرج إنّما هو في بعض الصور ، ولازمه اختصاص السقوط به ، وعدم القول بالفصل غير ثابت.
بل مال إليه بعض المحققين من مشايخنا قال : وبالجملة المسألة لا تخلو من إشكال ، وإن كان القول بالسقوط في صورة لزوم الحرج وعدم تقصيره أصلا لا يخلو من قوّة.
بل صرّح باختصاص القول بالترتيب بغير صورة التكليف بالمحال ، قال : لا شك في عدم قول أحد بالترتيب وإن لزم التكليف بالمحال (٢).
وتخصيصه بصورة عدم تقصيره مبني على ما قيل من جواز التكليف بما لا يطاق إذا كان عدم إطاقته ناشئا من تقصير المكلّف.
وهو عندي في حيّز المنع ، لعموم أدلّة عدم جواز التكليف بما لا يطاق ، وعموم قبحه ، وعدم مخصّص بل عدم قبوله للتخصيص. وما ورد من تكليف
__________________
(١) كالشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣٤٥ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٨٥ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٢٥.
(٢) انظر : شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني ( المخطوط ).