وإن كان نيّة أحد النسكين فهو لا يلائم ما ذكروه من نيّة الإحرام زائدة على نيّة التمتّع ، ولا قولهم : إنّ النسكين غايتان للإحرام ولا يشترط تعيين الغاية في نيّة الفعل.
ثم أقول : إن كان مرادهم هو الأول ، فلا دليل على وجوبه واشتراطه أصلا ، والأخبار كلّها واردة في نيّة العمرة أو الحجّ أو المتعة ، والأصل ينفيه.
فإن قيل : الإحرام فعل من أفعال أحد النسكين مأمور به ، فيكون عبادة محتاجة إلى النيّة.
قلنا : لا نسلّم أنّ الإحرام فعل غير التلبّس بأحد النسكين والشروع فيه مطلقا ، أو بما تحرم معه محظورات الحجّ والعمرة من أجزائهما ، فهو لفظ معناه أحد الأمرين ، لا أنّه أمر آخر وجزء مأمور به بنفسه من حيث هو ، ولذا تكفي نيّة الصلاة عن نية إحرامها وتكبيرتها ، مع أنّه أيضا ممّا ورد به الأمر في الأخبار.
فمعنى الإحرام : الشروع أو الدخول في أحد النسكين إمّا مطلقا أو مقيّدا بما ذكر ، فنيّته تكفي عن نيّته.
ومعنى غسل الإحرام وثوب الإحرام ونحو ذلك : غسل الدخول في الحجّ ، ومثلا : الثوب الذي يجب لبسه في التلبّس بالحجّ.
ومعنى عدم جواز تجاوز الميقات إلاّ محرما : أي إلاّ متلبّسا بالحجّ مثلا.
وإن كان مرادهم هو الثاني ، فهو كذلك ، وهو الذي تدلّ عليه الأخبار (١) ، كقوله : « يهلّ بالحجّ » ، أو : « يفرض الحجّ » ، أو : « ينوي المتعة » وغير ذلك.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢١٢ أبواب أقسام الحجّ ب ٢.