وأصرح من الجميع صحيحة ابن عمّار الواردة في حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفيها : « فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ، ثم خرج حتى أتى المسجد الذي هو عند الشجرة فصلّى فيه الظهر ، ثم عزم على الحجّ مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول ، فصفّ له سماطان ، فلبّى بالحجّ » الحديث (١).
وفي صحيحة الحلبي الواردة فيه : « وأحرم الناس كلّهم بالحجّ لا ينوون عمرة » الحديث (٢).
ولكن لا يحسن حينئذ جعل أحد النسكين غاية الإحرام ، إلاّ أنّ ذلك شيء قاله بعض متأخّري المتأخّرين (٣).
ويمكن أن يكون مراد الباقين أيضا من نيّة الإحرام هو : النيّة الحاصل بها الإحرام والدخول في النسك.
ثم إنّه على أن لا يكون المراد منه غير نيّة الحجّ أو العمرة لا يشترط في تلك النيّة غير تصوّر أفعال أحدهما مجملا أو مفصّلا ، ولو اعتبر نيّة الإحرام يعتبر تصوّر معناه وأفعاله ، بل تصوّر محظوراته ولو بالإجمال ، على أن يكون المراد بالإحرام : تحريم هذه الأشياء ، أو فعل يحرم معه هذه الأشياء.
وأمّا لو كان المراد نيّة الحجّ أو العمرة فلا يشترط ذلك وإن لزم تحريم هذه الأمور بالدخول في أحدهما ، كما لا يشترط تصوير منافيات الصلاة حال نيّتها ، وإن حرمت بالدخول في الصلاة.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ جعلنا الإحرام فعلا ثم النيّة واللبس والتلبية من
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٤٥ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٥٤ ـ ١٥٨٨ ، مستطرفات السرائر : ٢٢ ـ ٣ ، الوسائل ١١ : ٢١٣ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ٤ : بتفاوت يسير.
(٢) الكافي ٤ : ٢٤٨ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ١٥٣ ـ ٦٦٥ ، العلل : ٤١٢ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٢٢٢ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ١٤.
(٣) قاله في الرياض ١ : ٣٦٦.