ولنا أيضاً : الأخبار الواردة في بيان فريضة الأبوين مع الولد وبدونه ، فإنّها ظاهرة في انقسام التركة بينهما وبينه خاصة على الأول ، وبينهما خاصة على الثاني مطلقاً من دون تقييد بما إذا لم يكن هناك جد.
وقد يستدل لنا أيضاً (١) : بالأدلة الدالة على أنّ الأجداد والجدّات في مرتبة الإخوة لا يرثون إلاّ حيث يرثون ، ولا ريب في أنّ الإخوة لا يرثون مع الأبوين فكذلك الأجداد.
وبالنصوص الآتية في الطعمة ، الدالة على أنّ الله تعالى لم يفرض للجد شيئاً ، وإنما أطعمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأجازه الله تعالى.
وفيهما نظر : أما في الأُولى ، فلخلو الأخبار عن كون الأجداد والجدّات بمنزلة الإخوة مطلقاً ، بل هي دالة على أنّهم بمنزلة واحد منهم في النصيب إذا اجتمعوا. نعم إن كان نظره إلى الإجماع المنقول على ذلك فله وجه عند القائلين بحجية الإجماع المنقول.
وأما في الثانية ، فلأنّ عدم فرض الله سبحانه إنما يفيد لو لم يعقبه إطعام الرسول وإجازة الله ، وأمّا بعد إطعامه وإجازته فلا يفيد ، لاحتمال كونه على سبيل الوجوب.
فإن قيل : فعل النبي إذا لم يعلم جهته يحمل على الندب على الأصحّ ، فيستفاد من هذه النصوص استحباب الطعمة ، فيبطل التشريك وجوباً كما هو قول المخالف.
قلنا : إذا لم يعلم جهة فعله فلا يحكم بكونه ندباً في الواقع ، بل نقول
__________________
(١) انظر : الرياض ٢ : ٣٥١.