أنه قد يناقش في النقض بذلك ، وبأن العمرى قد لا يمكن فيها ذلك ، كما إذا كانت مقرونة بعمر العقب أيضا ، فلا ريب في أن ذلك كله خروج عن وجه المسألة الذي هو بيع العين المستحق منفعتها زمانا مجهولا ، باعتبار عود مثل هذه الجهالة للبيع وعدمه ، ولا ريب في أن المتجه الصحة ، إلا أن تكون المعاملة سفهية.
نعم يكون له الخيار مع الجهل بين الصبر مجانا إلى انقضاء المدة وبين الفسخ لقاعدة الضرر ، من غير فرق في ذلك بين بيعه على المعمر وغيره ، وإن قال في المسالك « إنه ربما فرق بينهما ، فيصح في الأول ، دون الثاني ، نظرا إلى استحقاق المعمر المنفعة ابتداء واستمرار استحقاقه فتقل الجهالة ، بخلافه غيره ».
وفيه أن المعتبر من العلم بالمنفعة المطلوبة في البيع إن كان مما ينافيه هذا الفائت منها بطل مطلقا ، وإلا صح مطلقا ، لاختلافه الاستحقاقين ، فلا يبني أحدهما على الآخر ، كما هو واضح.
« بقي شيء » وهو أن المعمر لو كان هو المشتري ففي المسالك جاز له بيع العين بجميع منافعها ، لأنها بأجمعها مملوكة له ، ولا مانع من نقلها إلى غيره بوجه ، وإن كان قبل الشراء ما كان يمكنه بيع هذه المنفعة ، فإن المانع لم يكن الجهالة ، بل عدم جواز أفراد المنفعة بالبيع ، وليس ببعيد جواز الصلح عليها ، لاحتماله من الجهالة ما لا يحتمله البيع ، وصحته على العين والمنفعة ، فعلى هذا لو كان مشترى العين غيره وجوزناه جاز له أن يصلح المشتري على تلك المنفعة المستحقة له مدة عمره ، بمال معلوم ، ويصير المشتري حينئذ مالكا للجميع ، كما لو كان هو المعمر ».
وفيه أولا : أن البيع لا يقع إلا على العين والمنفعة تكون تابعة للعين باعتبار تبعية النماء للأعيان في الملك ، فمع فرض كون المنفعة مستحقة للمعمر بعقد العمرى لا يصح تناول عقد البيع لها ، ضرورة عدم تبعيتها للعين المملوكة بسبب الملك كما هو واضح ، وكذا في العين المستأجرة ونحوها ، وثانيا أنه لا يوافق ما سيأتي من عدم جواز إسكان الساكن غيره ، ولا إجارته للمسكن ، اللهم إلا أن يحمل على عمري مصرح فيها بجواز النقل للغير ، والأمر سهل.