الموت شيئا ينقض الوصية ، بل قيل : إنه أنسب بأسلوب الكلام ، وتذكير الضمير المستتر في الفعل ، ولعدم التنافي بين الروايات وتنزيلها أيضا على ما إذا نقض الموصى الوصية بعد موت الموصى له ، وكون المراد الوصاية لا الوصية التمليكية ، وغير ذلك مما يظهر منه أن المقام مقام ترجيح وطرح ، لا مقام جمع لانتفاء التعادل الذي هو شرط فيه ، على أنه لو سلم فهو يقتضي التأويل في المحتمل دون النص الذي لا يقبل التأويل ، كما هو واضح.
وسوى أن وارث الموصى له إنما يرث ما كان له ، والمال قبل قبوله للموصى الذي لم يصدر إلا عطية للموصى له ، فيكف يرث وارثه مال شخص آخر ، وكيف يقبله له ، مع أن الإيجاب وقع لغيره ، وهو الذي قد أشرنا إلى أنه اجتهاد في مقابلة النص ، مع أنه يمكن دفعه فيما لو مات الموصى له بعد الموصى وقبله الوارث لمورثه الذي هو الموصى له ، وقلنا : إن القبول كاشف ، فإنه ينكشف حينئذ بالقبول من الوارث القائم مقام مورثه دخوله في ملك الموصى له حين موت الموصى ، فيرثه الوارث حينئذ ، لكن الحق خلاف ذلك كله ، وأن الوارث ينتقل إليه المال من الموصى ، وإن قلنا بالكشف في قبول الموصى له بعض ما عرفت مما هو مفقود في المقام ، ضرورة ظهور الدليل في ملكية الوارث له بموت الموصى ، وإن قيدناه بالإجماع بحصول القبول منه لذلك ، ولا وجه للكشف بالنسبة إليه لأن الفرض كون الموصى له قد مات بعد الموصى ، فكيف يكون قبول الوارث كاشفا عن ملكه للمال حين موت الموصى ، والموصى له موجود؟
ودعوى أن القبول منه للميت الذي يموته خرج عن قابلية إدخال شيء في ملكه ، ابتداء لا شاهد عليها ، كما لا وجه لدعوى الكشف حين موت الموصى له ، مع أن السبب الملك ذكر للموصى له حين موت الموصى ، فليس حينئذ إلا القول بأن قبول الوارث مملك حين حصوله.
ومن هنا قال المصنف وغيره :
(فرع )
لو أوصى بجارية وحملها لزوجها أو غيره وهي حامل منه فمات الزوج قبل القبول كان القبول للوارث لما عرفت فإذا قبل ملك الوارث الولد ، إن كان ممكن يصح له تملكه ولا ينعتق على الموصى له ، لأنه لا يملك بعد الوفاة ، ولا