على الكراهة بعد التصريح في الخبر بتناول ذلك للصداق والهبة ولعل هذا هو الذي دعا صاحب الكفاية إلى القول بعدم الجواز هنا مع قوله بالجواز في هبة ذي الرحم فما أطنب في التعجب منه في الرياض حينئذ في غير محله.
والمناقشة ـ في الصحيح المزبور باشتماله على ما لا يقول به أحد من لزوم الهبة قبل القبض ـ يدفعها عدم خروجها بذلك عن الحجية في غيره ، مع أن الصحيح الأول في الصدقة التي تنزيلها على الهبة مع عدم القصد بكونها لله ليكون مما نحن فيه ليس بأولى من حملها على الصدقة غير لازمة أو غير صحيحة ، بناء على اشتراط القربة في صحتها أو لزومها ، بل هذا أولى لما فيه من بقاء الصدقة على حقيقتها ، ومع التنزل عن ذلك كله فلا أقل من الشك ، والأصل اللزوم ، ولو لاستصحاب الملك وقوله (١) ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ودعوى أن الهبة من العقود الجائزة ، وإن اعتراها اللزوم في بعض أفرادها بل هذا أولى ، لأن اللازم قد يعتريه الجواز حتى البيع الذي فيه خيار المجلس ، والعيب ، والغبن ، وغيرها ، وأما العقد الجائز فلزومه إنما يكون بأمر خارجي كشرط ونحوه على أنه قد ذكروا في غير مقام الإجماع على انفساخ العقد الجائز بالجنون والإغماء والموت ومن المعلوم هنا خلافه ، وذلك كله دليل على أن الهبة من العقد اللازم ، وإن اعتراها الجواز في بعض أفرادها بل قد يقال : إنه وإن اختلف إطلاق النصوص في ذلك باعتبار إطلاق الرجوع في بعضها ، وعدمه في آخر ، بل ربما كان دلالة بعضها على الجواز أظهر ، لذكر الفرد اللازم على جهة الاستثناء ، إلا أن الأصل في العقد اللزوم ، للاستصحاب بل والآية (٢) فتأمل جيدا فإنه نافع في غير المقام أيضا والله العالم.
النظر ( الثاني : في حكم الهبات )
وهي مسائل : الأولى : لو وهب فأقبض ثم باع مثلا من آخر فإن كان الموهوب له رحما ، لم يصح البيع على وجه يترقب عليه أثره ، بل يكون
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.
(٢) سورة المائدة الآية ـ ١.