المسألة الثالثة : صدقة السر التي تطفئ غضب الرب (١) أفضل من صدقة الجهر بلا خلاف أجده فيه بل في المسالك هو موضع وفاق ، قال الله تعالى (٢) ( وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) وعن الصادق عليهالسلام (٣) « والله الصدقة في السر أفضل منها في العلانية » إلى غير ذلك ، الا أن يتهم في ترك المواساة ، فيظهرها دفعا للتهمة التي تجنب عنها سيد المرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم مع بعده عنها فضلا عن غيره أو قصد الاقتداء به ، أو ترغيب الناس ، أو نحو ذلك مما يقترن به الجهر على وجه يرجح على مراعاة السرية التي هي أرجح من الجهرية من حيث نفسها.
نعم في الدروس وغيرها تخصيص ذلك للمندوبة ، أما الواجبة فالأفضل إظهارها ، كما عن تفسير علي بن إبراهيم روايته عن الصادق عليهالسلام ، ولبعدها عن تطرق الرياء ، وللأمر بحملها إلى الإمام المنافي للكتمان ، بل عن ابن عباس (٤) « أن صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفا ، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا » لكن المصنف وغيره أطلقوا أفضلية السر ، وهو لا يخلو من وجه والأمر سهل بعد إيكال الأمر إلى عالم السر والجهر ، والله العالم.
ويكره الصدقة بجميع ماله على ما صرح به غير واحد ، ولعله لقوله تعالى (٥) ( يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ، قُلِ الْعَفْوَ ) أي الوسط وقوله تعالى (٦) ( وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) (٧) » و « ( إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ) قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٨) « أفضل الصدقة عن ظهر غنى » لكن لا يخفى عليك رجحان مقام الإيثار الذي أشار إليه رب العزة بقوله (٩) ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) وفعله الأولياء ولعله لذا قال في الدروس : « ويكره أن يتصدق بجميع ماله إلا مع وثوقه بالصبر ولا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الصدقة الحديث ١.
(٢) سورة البقرة الآية ـ ٢٧١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الصدقة الحديث ـ ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ـ ١.
(٥) المستدرك ج ١ ص ٥٣٤.
(٦) سورة البقرة الآية ـ ٢١٥.
(٧) سورة الإسراء الآية ـ ٢٩.
(٨) سورة الفرقان الآية ـ ٦٧.
(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الصدقة الحديث ـ ٤.