نفيه بين المسلمين لكونه إعانة لهم على ما هو محرم عليهم من التعبيد فيها ونحوه وبذلك افترق عن الوقف عليهم لا بقصد شيء من ذلك وإن صرفوهم في المحرم ، وعلى المسلمين أو مصالحهم كمساجدهم وقناطرهم ونحوها مما يستحب إعانتهم عليه هذا.
ولكن في المسالك بعد أن ذكر وجه المنع بنحو ما قلناه قال : وأما تعليل المنع ـ بأن من جملة مصرف الوقف عمارتها وهي محرمة ، بخلاف عمارة المساجد ، وباقي مصالح أهل الذمة ـ فغير مطرد ، لأن من الكنائس ما يجوز لهم عمارتها بل هو الأغلب في بلاد الإسلام ، وتخصيصه بكنيسة لا يجوز إحداثها كالمحدثة في أرض الإسلام ، أو أرضهم بعيد عن الإطلاق من غير ضرورة ».
وفيه أن عدم منعنا لهم عن ذلك لكونه من مقتضى عقد الذمة ، لا يقتضي الجواز لهم في الواقع ، بل هو محرم عليهم ، وحينئذ لا يجوز الوقف منا لهم على هذه الجهة ، بالإعانة على الإثم ، نعم لا بأس في الوقف على المصالح الراجعة إليهم الجائزة لهم كبناء دورهم ونحوها ، لأنه كالوقف عليهم.
وكذ لك في عدم الصحة لو وقف على معونة الزناة في زناهم من المسلمين فضلا عن غيرهم ، أو قطاع الطريق أو شاربي الخمر أو غيرهم لاشتراكهم معهم في الدليل الذي هو النهي عن الإعانة على الإثم ، والوقف بهذا القصد فرد منها ، فبناء على اعتبار القرية فيها فالأمر واضح ، وعلى العدم يبطل لكون النهي عنه نفسه باعتبار أنه إعانة ، نحو ما سمعته في الموادة وكذا لو وقف على كتب ما يسمى الآن بالتوراة ، والإنجيل بلا خلاف أجده فيه كما عن التذكرة وكذا المبسوط ، لا لأنها منسوخة ، فإن ذلك لا يقتضي حرمة النظر فيها كالمنسوخ من القرآن وإن توقف فيه في جامع المقاصد لاختلاف الملتين بخلاف منسوخ القرآن إلا أنه كما ترى بل لأنها محرفة ولو في الجملة وبه صارت من كتب الضلال التي لا يجوز نسخها والنظر فيها لغير النقض ولذا غضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عمر لما رأى في يده شيئا من التوراة (١) « وقال له : أفي شك أنت يا بن الخطاب ، ألم آت بها بيضاء نقية ،
__________________
(١) المغني لابن قدامة ج ٦ ص ٢٢٢ طبعة بيروت دار الكتاب العربي سنة ١٩٣٢.