وعلى كل حال فمع الفسخ وتسليمهم الأجرة يرجع المستأجر على تركة الأولين بما قابل المتخلف بلا خلاف ولا اشكال فينسب أجرة مثله إلى آجره مثل مجموع المدة ويرجع من المسمى بمثل تلك النسبة ، فلو كان قد آجره سنة بمائة ومات بعد انقضاء نصفها ، وفرضنا أن أجرة مثل النصف المتخلف تساوى ستين وأجرة مثل النصف الماضي تساوى ثلاثين رجع المستأجر بثلثي المائة كما هو واضح.
فمن الغريب وسوسة بعض متأخري المتأخرين في ذلك ، حتى تجرأ بعض من تأخر عنه إلى الجزم بجواز اجارة البطن الأول مدة تستغرق عمر الموقوف عليه ، معللا له بأن المنفعة ملكهم ملكا مطلقا ، والناس مسلطون على أموالهم ، وهو كما ترى.
نعم لو كان المؤجر ، الناظر على الوقف لمصلحة الوقف اتجه ذلك ، لأن له الولاية المقتضية لنفوذ تصرفه في ذلك مع وجودهم ، فضلا عما قبله ، والأجرة يملكها الموجودون ، وإن كانت هي عوضا عن منافع المدة المتأخرة عن حياتهم ، إلا أنها بعد فرض المشروعية لهذه الإجارة بالإجماع ، وظاهر بعض النصوص الدالة على جواز اشتراط الناظر صيرورته وليا للمال نفسه ، وأن له هذه الولاية تكون حينئذ بمنزلة وجود المنافع المتأخرة في حياتهم إلا أنها محبوسة أيضا لا يجوز لهم صرفها في غير التعمير ونحوه ، مما يرجع مصلحته للبطون أيضا ، ولو سلم عدم الجزم بذلك ، كان الحكم بالصحة كافيا في حصول المطلوب وإن لم يجزم بتعيين مالك ما زاد من المنافع على الموجودين ، والله العالم.
ولو آجر المتولي بأجرة المثل في الحال ، فاتفق زيادة لم تنفسخ الإجارة لأصالة لزومها بعد وقوعها على الوجه المعتبر شرعا ، فلا خيار له ، نعم لو آجره زيادة عن المدة التي اشترطها الواقف بطلت الإجارة في الزائد خاصة ، لأنه من تبعض الصفقة ، بل قد يحتمل البطلان بالجميع ، لأنه عقد مخالف لشرط الواقف ، إلا أن الأول هو الأقوى.
المسألة العاشرة : لو وقف على الفقراء مثلا انصرف إلى إرادة صرف نمائه في ذي الوصف منهم ، لا استيفاؤهم ، ضرورة كون المراد من مثل هذه الوقف باعتبار عدم انحصارهم الجهة المخصوصة ، وحينئذ فله صرفه في فقراء البلد ، ومن يحضره من