ومن هنا قال في المسالك : « الحق أن الاحتمال قائم على الجميع ، لأن عموم خبر السراية شامل للجميع ، والمنع مباشرة لعارض موجود كذلك ، وقد قررناه سابقا ، والفرق بين ملك الواقف والموقف عليه ضعيف جدا ، فإن كلام منهما ، ممنوع من التصرف ، أما لحق الموقوف عليه مطلقا ، أو لباقي البطون ، أو لعموم اقتضاء الوقف تحبيس الأصل عن مثل هذا التصرف.
قلت : ودعوى أنها على خلاف القواعد فيقتصر فيها على المتيقن ، وهو غير الملك المفروض تقتضي عدم جريانها حتى إذا كان الملك للموقوف عليهم كما هو واضح ، والأمر سهل بعد معلومية الحال.
المسألة الثانية : إذا وقف مملوكا ففي محكي المبسوط كانت نفقته في كسبه شرط ذلك أو لم يشترط وإن قلنا بانتقاله إلى الموقوف عليه ، لأن نفقته من شروط بقائه كعمارة العقار ، وهي مقدمة من غلته على حق الموقوف عليه ، ولأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف عليه ، وهو موقوف على بقاء عينه وإنما تبقى بالنفقة فيصير كأنه شرطها من كسبه.
نعم لو عجز عن الاكتساب بما لا ينعتق به ، كانت نفقته على الموقوف عليهم وفيه أن الكسب أحد أموال المولى الذي هو الموقوف عليه ولا دليل على اختصاص الإنفاق الواجب عليه من المال المزبور ، وكذا العقار الا مع الشرط المفروض عدمه.
ومن هنا لو قيل في المسألتين كذلك أي أنها عليهم بناء على الانتقال إليهم كان أشبه بالأدلة لأن ها مطلقة في أن نفقة المملوك تلزم المالك من غير فرق بين الموقوف عليه وغيره ، وبين كسبه وغيره ، ومن هنا اختاره جميع من تأخر عن المصنف.
نعم قيده جماعة بما إذا كانوا معينين ، وإلا كانتفي كسبه ، إن كان ذا كسب ، قال بعضهم : وإلا ففي بيت المال ، فإن لم يكن بيت مال وجبت كفاية كغيرها من المحتاجين ، بل في الدروس هي في كسبه أيضا ، وان كان لمعينين إن قلنا بأن الملك لله تعالى ، فإن تعذر فعلى الموقوف