قلت : لا ينبغي التأمل ولو للسيرة القطعية في جواز الانتفاع في المسجد ، والخان ونحوهما اللذين صارا بسبب الوقف كالتحرير ، بل الظاهر خروجهما عن المالية فينتفع به حينئذ على الوجه الذي ذكره من غير فرق بين الواقف وغيره.
لكن دعوى ـ أن كل وقف عام حتى ما كان موضوعه العلماء والمجتهدون وغير ذلك وكان له ثمرات تدخل تحت الملك كثمرة البستان ونحوها كذلك ـ محل بحث أو منع ، ضرورة كون الملك فيه بقصد الواقف وغيره للجنس ، ولو بواسطة افراده التي لو ـ فرض كون الواقف منها ، لم يكن قد أخرج نفسه عن صدقته وتحقق فيه المانع المزبور ، من غير فرق بين ذي الوصف السابق والمتجدد ، على أن وقفه على الفقراء نحو ملك الزكاة للفقراء الذين لا يندرج فيهم من عليه الزكاة ، ومالكية الكلي على نحو مملوكيته ، فكما أن خصوص الفرد في الثاني يكون منطبقا على الكلي المملوك وتحصل به براءة الذمة ممن عليه فكذلك مالكية الكلي أيضا إذا تشخص بفرد انطبق عليه ، فإذا فرض أنه الواقف ، صار هو المالك لصدقته المعتبر فيها خروجه عنه ، فلا بد حينئذ في صحة الوقف من خروج تشخص الكلي به عنه ، كما أومى إليه الفاضل فيما حكي عنه.
نعم لا بأس به فيما ذكرناه مما هو خارج عن المالية ، والانتفاع به ليس على طريق الملك ، كالصلاة في المسجد والعبور على القنطرة والجلوس في الخان ، ونحو ذلك مما هو جائز باعتبار الإباحة الشرعية ، ولو بسبب الوقف أو للسيرة القطعية أو لغير ذلك هذا.
وفي جامع المقاصد عن بعض فتاوى الشهيد أنه ما لم يقصد منع نفسه أو إدخالها واستحسنه كثاني الشهيدين في المسالك قال : « فإنه إذا قصد إدخال نفسه فقد وقف على نفسه ولم يقصد الجهة ، وإذا قصد منع نفسه خصص العام بالنية وهو جائز ، فيجب اتباع شرطه للخبر السابق ، وإنما الكلام مع الإطلاق ».
وفيه أن قصد إدخال نفسه بقصد الجهة التي يندرج فيها عين مفروض المسألة فمع فرض بطلانه يتجه ما قلناه فتأمل جيدا.
ولو شرط عوده إليه عند حاجته صح الشرط ، وبطل الوقف وصار حبسا ويعود إليه