استحق أن يملك المعدوم بعد وجوده ، لا أنه مالك للمعدوم حقيقة ، ولو أنه ثبت في الوصية صلاحيتها لنحو ذلك في الموصى له ، كما ثبت صلاحيتها له في الموصى به ، لكنه لم يثبت ، بل الثابت خلافه ، كما عرفت بل الظاهر ذلك وان اتفق وجوده حال موت الموصى ، ولذا قيدنا الوجود في المتن بحال الوصية.
نعم هذا كله في الوصية التمليكية ، أنما الوصية العهدية التي لم يقصد الموصى إنشاء تمليك فيها ، فلا أجد مانعا من صحتها للمعدوم ، بمعنى أن يعهد الميت في إعطاء شيء أو وقفه أو نحو ذلك لمن يتولد من زيد مثلا ، وإطلاق اشتراط الأصحاب الموجود في الموصى له منزل بقرينة تعليلهم وغيره على التمليكية التي هي أحد العقود ، كما سمعته سابقا والله العالم.
وعلى كل حال فلا خلاف بيننا في أنه تصح الوصية للأجنبي والوارث بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر ، مضافا إلى إطلاق الوصية في الكتاب والسنة وخصوصا آية « ( كُتِبَ ) (١) » إلى آخره والمعتبر المستفيضة على جواز الوصية للوارث.
منها قول أبي جعفر عليهالسلام في الصحيح (٢) « الوصية للوارث لا بأس بها ».
وفي آخر (٣) « سأله محمد بن مسلم عن الوصية للوارث فقال : يجوز ».
وفي ثالث (٤) « فقال : يجوز ، ثم تلا هذه ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً ) إلى آخره » إلى غير ذلك.
فما عن العامة ـ من منع جوازها للوارث مطلقا ، أو إذا لم يجز غيره من الورثة ـ واضح الفساد ، كوضوح حمل ما ورد في أخبارنا مما يوافق ذلك على التقية منهم.
نحو ما عن تفسير العياشي من خبر أبي بصير (٥) « عن أحدهما عليهالسلام في قوله تعالى ( كُتِبَ ) إلى آخره قال : هي منسوخة ، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث » أو على إرادة نسخ الوجوب دون الاستحباب أو الجواز.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨٠.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ٥.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ٢.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ١٥.