عند التأمل متقاربان ، بل لا يبعد في النظر الإكتفاء بالكتابة في الإقرار والوصية مع ظهور إرادة ذلك منها ، فضلا عن صورة العلم ، ضرورة حجية ظواهر الأفعال كالأقوال في الجملة ، سيما ما كان منها نحو شاهد الحال بل الكتابة أخت الألفاظ ، وفي المرتبة الثانية في الوضع لا للدلالة على ما في النفس ، فتكون أولى من باقي الأفعال بل لا يجري على مدلول النقوش منها من الألفاظ ما يجري على اللفظ نفسه من الصراحة والظهور والإطلاق ونحو ذلك.
ودعوى عدم كفايتها ـ وغيرها من الأفعال في الوصية ونحوها من العقود الجائزة عقدا أو معاطاة ـ واضحة الفساد ، ضرورة الإكتفاء بها في البيع ونحوه مما هو أولى منها للصدق العرفي المشترك بين الجميع ، وعدم صدق اسم العقد بعد التسليم لا ينافي صدق اسم البيع والهبة والوصية ونحوها ، وهو المدار في إجراء الأحكام ، لا اسم العقد فتأمل جيدا.
وفي خبر إبراهيم بن محمد الهمداني (١) قال « كتبت إليه رجل كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصي به هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ، ولم يأمرهم بذلك فكتب إليه إن كان له ولد ، ينفذون كل شيء يجدون في كتاب أبيهم في وجوه البر وغيره ».
وفيه إشارة في الجملة إلى ما ذكرناه ، بل لو قلنا بعدم صدق اسم البيع ونحوه على المعاطاة كما هو الأصح عندنا الآن ، أمكن الفرق بين المقام وبين ذلك ضرورة كون الوصية بمعنى العهد ، بل يمكن تكلف اندراج العقدية منها فيه ، ولا ريب في صدقها بمعناه على الحاصل بالفعل ، سيما الإشارة والكناية ونحوها ، وإن لم يكن من الوصية العقدية وعنوان أكثر الأحكام على الوصية بمعنى العهد ، لا العقد فلا ينبغي التوقف في جريان الأحكام على ذلك ، فإنه داخل تحت النهي عن التبديل ، بخلاف البيع والصلح ونحوه مما هو معنى واحد ، فلا يصدق على المعاطاة والله أعلم.
وكيف كان فـ ( ينتقل ) الموصى به بها أي الوصية إلى ملك الموصى له بموت الموصى ، وقبول الموصى له ، ولا ينتقل بالموت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام الوصية الحديث ـ ٢ ـ باختلاف.