المسألة الثالثة : إذا أوصى بضعف نصيب ولده مثلا كان له مثلاه لأن ضعف الشيء مثلاه كما هو الأشهر بين الفقهاء على ما في المسالك ، بل عن الخلاف حكايته عن عامة الفقهاء والعلماء وإن كان فيه أنه خلاف ما في الصحاح ، وعن الجمهرة وأبي عبيد القاسم بن سلام من أن الضعف المثل.
نعم عن الأزهري الضعف المثل فما فوقه ، وليس بمقصور على مثليه فأقل الضعف محصور في الواحد ، وأكثره غير محصور ، وعن الخليل الضعف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر ، وعن نهاية ابن الأثير الضعف مثلان ، ويمكن أن يريد الأزهري والخليل بيان الضعف بالمعنى المصدري الذي لا ينحصر في المثل أي المضاعفة ، فلا ينافي حينئذ معناه الذي هو المثل في غيره ، بل لعل عرفنا اليوم شاهد على ذلك ، وحينئذ فالمتجه في محل البحث أن يكون له مثله ، اللهم إلا أن يكون المراد مثله مضاعفا ، وحينئذ يكون له مثلاه ، كما ذكره المصنف وغيره بل قيل : انه المشهور ، وأنه يشهد له قوله تعالى (١) ( إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ) أى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة مضاعفا وقوله (٢) ( فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ ) وقوله (٣) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ).
ولكن المتجه على ذلك أنه لو قال : ضعفاه كان له أربعة أمثالها كما عن المبسوط ومع ذلك قيل : ثلاثة أمثاله ، بل في المتن وغيره هو أشبه أخذا بالمتيقن وفيه أن المتيقن المثلان لما عرفت من تفسير الضعف بالمثل ممن سمعت ، كما أن المتيقن هو الوصية بالضعف التي حكم فيها بالمثلين ، وما في المسالك من أنه لم يعتد بالقولين لضعفهما وشذوذهما بخلاف القول بالثلاثة المحكي عن بعض أهل اللغة التصريح بأن ضعفي الشيء هو ومثلاه ، فيكون ثلاثة أمثاله ، ـ يدفعه ما عرفت من تصريح من سمعت به لأنها عبارة ، والتصريح الذي ذكره هو المحكي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال : ضعف الشيء هو ومثله وضعفاه هو ومثلاه.
__________________
(١) سورة الإسراء الآية ـ ٧٥.
(٢) سورة سبأ الآية ـ ٣٧.
(٣) سورة الروم الآية ـ ٣٩.