الحاكم أمينا ، ويحتمل انعزاله بفسقه ، وحينئذ فالمتجه عدم الفرق بين اشتراطها لنفسه ولغيره بالنسبة إلى ذلك ، وما في سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام (١) من اعتبار الرضا بهديه وإسلامه وأمانته لا يدل على اشتراط ذلك في أصل الناظر.
وعلى كل حال ففي المسالك وغيرها أنه إن عادت العدالة إليه عادت النظارة إن كان مشروطا من الواقف ، ونحو ذلك قد ذكروه في الوصي ، والظاهر اختصاص ذلك فيهما من بين العقود لاقتضاء العموم في دليل مشروعيتهما من قوله عليهالسلام (٢) « الوقوف على حسب ما يقفها أهلها إن شاء الله » وقوله تعالى (٣) ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) إلى آخره جواز ذلك ، وهو جعل العنوان الشخص الموصوف من حيث الوصف ، ومن المعلوم عدم جواز مثل ذلك في الوكالة ، ونحوها على وجه تدور وكالته مدارها وجودا وعدما.
ثم الناظر المشروط في نفس العقد لازم من جهة الواقف ، لا يجوز له عزله مطلقا ، لعموم الأمر بالكون مع الشرط ، وإن كان لا يجب على المشروط له القبول ، للأصل بل لو قبل : لم يجب عليه الاستمرار لما في الدروس والروضة من أنه في معنى التوكيل.
وفي المسالك « لأنه غير واجب في الأصل فيستصحب فإذا رد صار كما لا ناظر له ابتداء فيتولاه الحاكم ، أو الموقوف عليه ، ويحتمل الحاكم مطلقا ، لخروج الموقوف عليه من استحقاق النظر بشرطه ، فعوده إليه يحتاج إلى دليل ، بخلاف الحاكم فإن نظره عام ».
قلت : قد يناقش في جواز الرد بعد القبول بإطلاق الأمر بالوفاء بالعقد من المتعاقدين وغيرهما ممن له تعلق بالعقد ، والقبول بالنسبة إليه حينئذ رضاه بما اشترط له منه ، ودعوى أنه في معنى التوكيل كما ترى ، ضرورة عدم الدليل وعدم القصد بل ربما يومئ في الجملة إلى ما قلناه وجوب القيام بما تقتضيه النظارة عليه مع عدم الرد لكونه من مقتضى العقد المزبور ، بل وما ذكروه أيضا من أنه إن اشترط الواقف له شيئا من الثمرة عوضا عن عمله جاز ، وليس له أزيد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.
(٣) سورة البقرة الآية ١٨١.