الوصية للأنبياء والأئمة عليهمالسلام تصرف إلى أولادهم وذريتهم ، لأنها دلت على انتقال حق القبول إلى الوارث إذ لا يخفى ما فيه ، من أن مورد الأخبار وجود الموصى له حال الوصية ، فلا يتعدى إلى غيره.
ولا تصح الوصية بصرف مال مثلا في معصية بلا خلاف أجده فيه ، كما اعترف به غير واحد ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، كما أنه يمكن منع اندراجه في أدلة المقام فيبقى على أصالة المنع مضافا إلى عدم إمكان تنفيذها ، فهي كالوصية بغير المقدور ، لأن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، وإلى ما كان منها مندرجا في المعاونة على الإثم المنهي عنها في الكتاب العزيز (١) كمساعدة الظالم على ظلمه ـ ونحوها بل قد يقال : إن الوصية بصرف المال في المعصية معصية ، ضرورة كونها كبذل المال فيها وإن تولى الصرف غير الباذل ، وإلى الخبر (٢) « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) الآية فقال : نسختها التي بعدها ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) قال : يعني الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصى فيما أوصى به إليه مما لا يرضى الله تعالى من خلاف الحق فلا إثم عليه أي على الموصى إليه أن يبدله إلى الحق ، وإلى ما يرضي الله تعالى به من سبيل الحق ».
ونحوه المرسل (٣) المضمر عنه عليهالسلام « أنه تعالى أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها جنفا ويردها إلى المعروف ، لقوله تعالى ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) » وإلى غيره مما يستفاده منه عدم صحة الوصية بغير الحق ، والظاهر إرادة التخصيص من النسخ في الخبر الأول ، كما أن الظاهر إرادة ما لا ينافي البطلان من التبديل إلى الحق ، لا أن المراد تبديل الوصية بتعمير الكنيسة مثلا إلى تعمير المسجد ، والوصية بإعانة الظالم على ظلمه إلى إعانة المطيع من حيث هو كذلك ، ضرورة عدم الدليل على ذلك ، بل ظاهر الأدلة خلافه ، وإن كان قد يتوهم من ظاهر الخبرين ، إلا أنه بمعونة الاتفاق ظاهرا على خلاف ـ ، ذلك يمكن حمله على إرادة الوصية بالثلث أولا مثلا ثم الوصية بخلاف الحق ،
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.