الأدلة ما يدل على مشروعية كل ذلك ، بناء على اعتبار نية التقرب فيه على وجه يكون من العبادة ، أما على القول بعدم اعتبارها أصلا فلا ريب أن المتجه حينئذ الصحة.
ويصح وقف المشاع بلا خلاف أجده فيه عندنا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل نصوص التصدق به مستفيضة أو متواترة ، فيدخل فيه الوقف ، أو يراد منه بل في الغنية أنه مورد قوله عليهالسلام حبس الأصل وسبل الثمرة ، فما عن الشيباني ـ من عدم الجواز لعدم إمكان قبضه ـ واضح الضعف لما عرفت ولأن قبضه هنا كقبضه في البيع كما هو واضح ، والله العالم.
بقي الكلام فيما يندرج في الضابط المزبور من جواز وقف من ينعتق على الموقوف عليه ، وقد صرح به الفاضل في قواعده ، ووافقه عليه في جامع المقاصد لأن العتق إنما هو في الملك التام ، بل عن غاية المراد الميل إلى ذلك ، أو القول به ، هذا.
ولكن الإنصاف عدم خلوه من النظر ، وتسمع لذلك تتمة إن شاء الله تعالى ، في صيرورة الأمة الموقوفة أم ولد ، إذا وطأها الموقوف عليه ، فولدت منه فتنعتق بموت السيد ، ويؤخذ من تركته قيمتها للبطون المتأخرة ، وأما أم الولد فالمتجه عدم جواز وقفها بناء على انتقال الموقوف للموقوف عليه ، لعدم جواز ، نقلها إلى الغير بجميع وجوه النقل ، أما على القول ببقائه على ملك الواقف فقد يقال بالجواز ، وتبقى حينئذ على الوقف إلى موت السيد ، ولو مات ولدها قبله تأبد وقفها ، وإلا عتقت من نصيبه وبطل وقفها.
وفيه أنه مناف للتأييد المعتبر فيه الذي يراد منه بناؤه عليه من أول الوقف ، اللهم إلا أن يمنع اعتبار ذلك ، أو يقال : كما عن بعض الشافعية من بقاء منافعها للموقوف عليه وإن تحررت ، كما لو آجرها ومات ، وأما المدبر فلا إشكال في جواز وقفه ، ويكون حينئذ رجوعا عنه ، ولعله لذا حكى الإجماع عن التذكرة على جواز وقفه.
نعم الظاهر عدم صحة وقف المكاتب بقسميه ، لانقطاع سلطنة المولى عنه ، كما عن التذكرة التصريح به ، وأما العين المستأجرة والموصى بمنفعتها شهرا مثلا فلا يجوز للمستأجر والموصى له وقفها ، لأنه لا يملك إلا المنفعة ، وقد عرفت جواز وقفها ، أما المالك فلا بأس