المسألة الثالثة : يجوز لمن يتولى أموال اليتيم بوصية ونحوها أن يأخذ أجرة المثل من نظره في ماله كما عن الإسكافي والشيخ في آخر باب التصرف في أموال اليتامى ، بل هو خيرة جماعة من المتأخرين كالفاضل في القواعد والمحقق وغيره ، بل عن مجمع البيان أنه الظاهر من روايات أصحابنا.
وقيل : والقائل الشيخ في المحكي عن نهايته وابن إدريس يأخذ قدر كفايته ، وقيل : والقائل الشيخ أيضا في المحكي من خلافه وتبيانه يأخذ أقل الأمرين إن كانت كفايته أقل من أجرة المثل ، فله قدر الكفاية دون أجرة المثل وإن كانت أجرة المثل أقل من الكفاية فله الأجرة دون الكفاية ، ونحوه عن المبسوط لكن قيد ذلك بالفقر ، فقال : « الولي إن كان فقيرا جاز له أن يأكل من مال اليتيم أقل الأمرين ، كفايته أو أجرة مثله » ومع ملاحظة الإطلاق السابق ، وتقييده يكون الأقوال أربعة بل خمسة مع زيادة القول بأخذ أجرة المثل إن كان فقيرا وإلا لم يجز له أخذ شيء منه ، كما هو خيرة ثاني الشهيدين في المسالك.
وعلى كل حال فـ ( الأول أظهر ) من غير فرق بين الغنى والفقير ، وبين الوصي والحاكم وأمينه وعدول المؤمنين وغيرهم ما لم يوجد المتبرع الجامع للشرائط فلا يجوز للحاكم مثلا أن يجعل النظر إلى غيره ممن يريد الأجرة ، بلا مصلحة لليتيم وبين العمل الواجب على الأمين فعله من حيث الامانة ، وبين غيره مما لم يجب عليه ، كالتنمية ، بناء على عدم وجوبها ، لأصالة احترام فعل المسلم كما له ، ووجوبه عليه ـ كوجوب بذل المال في المخمصة بالقيمة ـ لا ينافي أخذ العوض عليه ، مع إمكان وجوب المباشرة بنفسه ، فله حينئذ استيجار من يحفظه مثلا بشيء منه ولو نفسه.
ولعله إلى ذلك أومى صحيح هشام بن الحكم (١) الذي هو دليل آخر للمسألة أيضا قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه فقال : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم ، فيأكل بقدر ذلك ».
بل لعله المراد بالمعروف في الآية الشريفة (٢) بل وفيما جاء من تفسيرها في موثق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ـ ٥.
(٢) سورة النساء الآية ـ ٦.