مع فرض الشك في تحقق الشرط فيها فلا يلتفت هنا إلى ما يقال من اقتضاء ما قلناه ونحوها الخرق للإجماع المركب بإحداث قول جديد ضرورة عدم القطع بالمسألة حتى يترتب عليه ذلك ، بل مدارها على الاجتهاد في مفاد جديد الصحيح المزبور ، وفي تأسيس الأصل المذكور ، وقد بينا لك الحال بعد أن دفعنا إليك القسطاس المستقيم فزن به مستعينا بالله الرؤوف الرحيم ، ومنه يظهر لك ما في جملة من الكلمات المتأخرة عن المسالك ، والله هو العالم والهادي.
وتستحب العطية لذي الرحم وإن لم يكن فقيرا بلا خلاف ، ولا إشكال في شيء من ذلك ، وتتأكد في الوالد والولد الذين هم أولى من غيرهم من الأرحام ، لأنها من صلة الرحم المعلوم ندبها كتابا (١) وسنة (٢) وإجماعا بل لعله من الضروري بل في المسالك « وإنما تستحب عطية الرحم حيث لا يكون محتاجا إليها بحيث لا تندفع حاجته بدونها وإلا وجبت كفاية إن تحققت صلة الرحم بدونها ، وإلا وجبت عينا ، لأن صلة الرحم واجبة عينا على رحمه ، وليس المراد هنا مجرد اجتماع البدن ، بل ما يصدق معه الصلة عرفا ، وقد يتوقف ذلك على المعونة بالمال ، حيث يكون الرحم محتاجا ، والآخر غنيا لا يصره بذلك ذلك القدر الموصول به ، بل قد تتحقق الصلة بذلك ، وإن لم يسع إليه نفسه ، كما أن السعي إلى زيارته بنفسه غير كاف فيها مع الحاجة على الوجه المذكور ، وتبعه على ذلك في الكفاية.
ولكن قد يشكل ذلك فيما لا يرجع إلى وجوب الإنفاق ، لمنافاته للأصول وعدم عدادهم له في الواجبات ، وعدم بيان مقداره غير ذلك ، اللهم إلا أن يفرض تحقق قطع الرحم بدونه ، وقلنا بحرمته بالنسبة إلى ذلك ، وهو كما ترى ، والله العالم.
وكذا تستحب التسوية بين الأولاد في العطية بلا خلاف فيه بين العلماء كما في محكي التذكرة ، بل في محكي الخلاف ، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى بإجماع الفرقة وأخبارهم ، مضافا إلى ما سمعته من الأمر بالنسوية في النبوي المتقدم سابقا في كراهة التفضيل والمنساق من التسوية جعل الأنثى كالذكر ، وان تفاوتت معه في الإرث لا كما يحكي عن شريح وأحمد ومحمد بن الحسن من
__________________
(١) سورة النساء ـ الآية ـ ١ ، وسورة الأنفال الآية ـ ٧٥ ، وسورة محمد الآية ـ ٢٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الصدقة.