وإن لم يبق من آثاره غيرها ، إذا هي العمدة في المسجد بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا.
نعم في المسالك هذا كله يتم في غير المبنى في الأرض المفتوحة عنوة حيث يجوز وقفه ، تبعا لآثار التصرف ، فإنه حينئذ ينبغي بطلان الوقف بزوال الآثار ، لزوال المقتضي للاختصاص ، وخروجه عن الأصل ، اللهم إلا أن تبقى فيه رسوم ، ولو في أصول الحيطان بحيث يعد ذلك أثرا في الجملة ، كما هو الغالب في خراب البناء ، وحينئذ فقول المصنف « لا تخرج » إلى آخره لا يتم إلا في المملوك بالأصل ، إذ لم يعتبر في الوقف إلا العرصة وهي أرض المسجد ، وإن زالت الآثار أجمع.
قلت : قد أشرنا في كتاب البيع إلى خروج ذلك بالسيرة القطعية على اتخاذ المساجد فيها ، وإجراء حكمها علينا من غير مدخلية للآثار في ذلك ، ضرورة اقتضاء المسجدية الدوام والتأبيد ، وحينئذ فلا وجه للحكم بمسجديتها لا على هذا الوجه ، بل التزام عدم صيرورتها مسجدا حينئذ أولى ، وإن كان هو مردودا بالسيرة القطعية ، بل بالمعلوم من الشرع من جريان أحكام المساجد على مساجد العراق ونحوه ، وغيرها من المفتوحة عنوة.
وعلى كل حال فما عن بعض العامة ـ من عود المسجد بما عرفت إلى ملك الواقف قياسا على ما لو أخذ السيل مثلا ميتا فيئس منه كان الكفن للورثة لجامع تعذر المصرف في الموضعين ـ واضح الضعف ، أن الكفن الذي هو من التركة قد كان ملكا لهم بموت الميت ، وإن وجب عليهم صرف ذلك في تكفينه فإذا زال الموجب عاد إلى ما كان ، كما يعود إلى الزكاة أو إلى الوقف أو إلى باذله إن كان منها ، بل لو قلنا أن مقدار الكفن من التركة على حكم مال الميت ، فالحكم كذلك أيضا لمعلومية تقييده بما دام الميت محتاج إليه ، وإلا دخل في الإرث.
المسألة الثامنة : إذا انهدمت الدار ولم يبق من آثارها شيء لم تخرج العرصة بذلك عن الوقف ولم يجز بيعها بلا خلاف أجده فيه بين من تعرض له ، كالفاضل والشهيدين وغيرهم ، لأن الخراج لا يصلح لنقض الوقف وإبطاله ، مع بنائه على التأبيد ، وعلى عدم جواز بيعه ، ولأن العرصة من جملة الموقوف ، وهي باقية ، بل لم يحكوا