أما لو وقف على الفقراء وكان منهم أو لم يكن ثم صار فقيرا ، أو على الفقهاء وكان منهم أو لم يكن ثم صار فقيها صح له المشاركة بالانتفاع بل والاختصاص به ، لأنه ليس وقفا على نفسه ولا على جماعة هو منهم ، لإن الوقف بهذا الوجه ليس وقفا على الأشخاص المتصفين بهذا الوصف ، بل على الجهة المخصوصة ، ولهذا لا يعتبر قبولهم ، ولا قبول بعضهم ولا قبضهم وإن أمكن.
بل في المسالك « ولا ينتقل الملك إليهم ، وإنما ينتقل إلى الله تعالى ، ولا يجب صرف النماء في جميعهم ، بل مثل هذا يسمى وقفا على الجهة ، لأن الواقف ينظر إلى جهة الفقر والمسكنة ويقصد نفع كل موصوف بهذا الوصف لا شخص بعينه ».
لكن في الكفاية الإشكال في المشاركة المزبورة قال : « واحتجاجهم بأن ذلك ليس وقفا على نفسه ولا على جماعة هو منهم صحيح غير نافع ، إنما ينفع لو كان النص المانع واردا بلفظ الوقف على نفسه ، أو ثبت إجماع على المشاركة في محل البحث ، وليس كذلك ، إذ الأخبار المذكورة ليس على هذا الوجه كما لا يخفى ، ولا إجماع على المشاركة هنا » وكأنه لحظ في نفي الإجماع خلاف ابن إدريس ، فإن المحكي عنه عدم جواز انتفاع الواقف بما وقفه على الحال ، بل والفاضل في المختلف والتذكرة.
قال في الأول : « الوجه عندي أي الوقف إن انتقل إلى الله تعالى كالمساجد فإن للواقف الانتفاع به كغيره من الصلاة فيه وغيرها ، وإن انتقل إلى الخلق لم يدخل سواء كان مندرجا فيهم وقت الوقف ، كأن وقف على المسلمين أو على الفقهاء وهو منهم ، أو لم يكن منهم وقت العقد ثم صار منهم » وكذا عن التذكرة وعن المهذب لابن البراج أنه جعل الوقف العام أقساما ، وقف المسجد والقنطرة ، ووقف الدور والمنازل التي ينزلها الحاج والخانات ، ووقف الدور والمنازل التي ليست كذلك. والوقف على المسلمين ، فحكم في الأول والأخير بجواز الانتفاع وفصل في الدروس والمنازل بين ما ينزلها الحاج والخانات وبين غيرها فجوز في الأول دون الثاني.
لكن في محكي المبسوط فأما إذا وقف وقفا عاما مثل أن يقفه على المسلمين جاز له الانتفاع بلا خلاف ، لأنه يعود إلى أصل الإباحة ، فيكون هو وغيره سواء ، ومثله في محكي الغنية.