وعلى كل حال فالحكم حينئذ لا اشكال فيه من غير فرق بين العتق وغيره ، ولا بين وقوع الترتيب في زمان واحد عرفي ، وزمانين متباعدين كغدوة وعشية.
خلافا للشيخ والإسكافي ـ حيث قدما العتق وإن تأخر للموثق (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصية ، وكان أكثر من الثلث قال : يمضى عتق الغلام ، ويكون النقصان فيما بقي » وغيره مما هو ظاهر في التنجيز المقدم على الوصية بلا خلاف ولا اشكال ، لا الوصية التي هي محل البحث ـ ولابن حمزة حيث جعل الوصية المتأخرة المتباعد زمانها عن الأولى ناسخة لها ، ومقتضية للرجوع عنها.
للضعيف (٢) « إن ابن أخي أوصى بثلاث وصايا ، فبأيهن آخذ؟ فقال : خذ بأخريهن قلت : فإنها أقل قال : وإن قلت » وهو مع خلوه عن تفصيله ضعيف فاقد لشرائط الحجية فضلا عن أن يصلح معارضا لما عرفت فلا بأس حينئذ بحمله على ارادة الوصايا التي بالتضاد ونحوه يعلم عدم قصد الموصى ارادتها جميعها ، بل يعلم كون المراد واحدة منها ولا ريب حينئذ في أن الحكم للمتأخرة كما هو واضح.
وعلى كل حال فمن ذلك ما لو أوصى لشخص بثلث أولا ولآخر بربع ثانيا ولم تجز الورثة اعطى الأول لمصادفة الوصية ثلث الموصى فهي ممكنة النفوذ وبطلت الوصية لمن عداه بعدم اجازة الوارث المتوقفة صحة الوصية في الفرض عليها إذ ليس للموصى إلا الثلث الذي قد تعلقت به الوصية الأولى التي لم يعلم رجوعه عنها فيستصحب حكمها وما وقع من الوصية بالربع والسدس بعدها أعم من ذلك قطعا ، وكذا لو أوصى بنصف ولآخر بخمس ولثالث بربع ، أو للأول بجميع المال ولآخر بثلث ولثالث بسدس ، فإن الأول ، يعطى في الجميع الثلث ويبطل الزائد مع عدم الإجازة لما عرفت من البدء في مثل ذلك بالأول فالأول ، لكن فيما حضرني من المسالك في نسختين ابدال السدس في المثال الثاني بالنصف ، وبذلك يقتضي بقاء سدس للأول لا ثلث.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٧ وفيه أن أبي إلى آخره.