نعم لو لم يقبل بل لو رد كان له القبول بعد ذلك حال الحياة ، بخلافه بعد الموت ، ولعل الفرق بينهما أن ما بعد الموت هو محل القبول والرد ، باعتبار أن التمليك في الوصية حينه ، بخلافه حال الحياة ، على أنه لو لم يقبل الرد بعد الموت ترتب الضرر لعدم أمد له ينتظر ، مضافا إلى ما عرفت من كون القبول بعد الموت كاشفا ، فالرد والقبول فيه نحو إجازة الفضولي بخلافه حال الحياة والله العالم.
وكيف كان فـ ( إن رد بعد الموت وقبل القبول بطلت ) على وجه ، لا ينفعه تجديد القبول بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، وهو الحجة في انقطاع الأصل المزبور.
إنما الكلام فيما ذكره المصنف وغيره بقوله وكذا تبطل الوصية لو رد بعد القبض وقبل القبول مع أنك قد عرفت سابقا تحقق القبول بالفعل والقول فالقبض ، ـ بعنوان أنه موصى له ـ قبول ، فلا يؤثر الرد حينئذ بعده ، بل لا وجه لفرضه قبل القبول ، ضرورة تحققه بذلك ، اللهم إلا أن يحمل كلامهم على القبض الذي لا يكون قبولا ولو لغفلة عن الوصية أو جهل بها أن غير ذلك ، وإن كان هو مناف لإطلاقهم ، ولما تسمعه مما ذكروه متصلا بذلك من أحكام القبض نحو قول المصنف.
ولو رد بعد الموت والقبول وقبل القبض قيل : والقائل الشيخ في المحكي عن مبسوطة وابن سعيد في المحكي عن جامعه تبطل استصحابا لجوازها قبله ، ولكونها أضعف من الهبة والوقف اللذين يعتبر فيهما ذلك ـ وقيل لا تبطل ، وهو أشبه بأصول المذهب وقواعده وأشهر بين الطائفة ، بل هو المشهور ، بل كاد أن يكون إجماعا ، كما أن النصوص (١) كادت تكون متواترة في عدم اعتباره ، ولذا تضمنت انتقاله إلى وارثه إذا كان قد مات الموصى له قبله ، مضافا إلى إطلاق أدلة الوصية وبذلك كله ينقطع استصحاب الجواز بعد تسليم جريانه ـ والثاني ـ مع وضوح فساده بعد بطلان القياس مقتضاه كون القبض شرطا في الصحة وهو خلاف ما حكي عن المبسوط من كونه شرطا في اللزوم كما أومى المصنف بقوله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا.