به اللهم ، إلا أن يكون إجماعا ، فيقتصر عليه كالاقتصار هنا له أيضا على تأثيره ، بعد الموت دون الحياة.
ومن ذلك بان الوجه في عدم اعتباره على التقديرين ، لكن ومع ذلك فالإنصاف يقتضي عدم الفرق بينه وبين القبول بالنسبة إلى تحقق المعنى المقابل ، لتعلقهما به ، ولعل شهرة الأصحاب هنا غير معتد بها ، بعد أن علم أن المدرك فيها عدم حصول ما يقبل الرد لتعليق الأثر على الموت الذي قد فرض عدم تحققه ، فيكون كالطلاق قبل النكاح الذي صححه أبو حنيفة ، لما عرفت من بطلانه بتحقق المعنى القابل للقبول والرد هنا ، ويمكن أن لا يكون مدركهم ذلك ، وإن ذكره بعض المتأخرين لهم ، ولذا ، كان خيرة المصنف جواز القبول حال الحياة ، وعدم الحكم للرد فيها ، ولعله لما أشرنا إليه من عدم دليل يصلح لقطع استصحاب صحة الإيجاب بذلك ، لا لما ذكروه.
بقي شيء في المقام ، وهو أنه ربما استفيد من إطلاق المصنف وغيره عدم الفرق في ذلك بين سبقه بالقبول وعدمه ، ولكن يشكل ذلك بما ظاهرهم الإجماع عليه من كون الوصية عقدا جائزا من الطرفين ، ومقتضاه تسلط الموصى له على فسحة حينئذ ، ولا ريب في اقتضائه بطلان العقد ، إذ هو معنى الفسخ ، كما أن معنى الرد والفسخ واحد ، واحتمال التزام عدم الحكم بهذا الفسخ يقتضي مخالفتها للعقود الجائزة بالنسبة إلى ذلك ، ويمكن حمل كلامهم على رد الإيجاب خاصة الذي لا يدخل تحت حكم فسخ العقد الجائز.
ودعوى أنه إذا كان له الفسخ بعد تمام العقد ، فللإيجاب خاصة أولى يمكن منعها بعد بطلان القياس عندنا ، وكذا دعوى تنزيل جواز الفسخ الذي له بعد تمام العقد على إبطال القبول خاصة ، فيحتاج إلى تجديد القبول خاصة ، بل قد عرفت أن ذلك مخالف للفسخ في العقود فتأمل جيدا فإن المسألة غير محررة في كلامهم.
وتحريرها ما ذكرناه غير مرة من أن الوصية ليست من العقود ، وإن كانت هي جائزة بمعنى أن للموصى الرجوع ، وللموصى له عدم القبول ، أما إذا قبل فلا رد له حتى في حال الحياة ، فضلا عما بعد الوفاة.