في غيرها من العقود ، بل الظاهر عدم تسلط الحاكم على جبره على القبول وعدمه ، ما لم يستلزم ذلك ضررا وخصومة وتلفا للمال ، باعتبار احتياجه إلى النفقة ، وغيرها ، وإلا كان له إلزامه في وجه قوي بل لو تعذر إجباره أمكن تولي الحاكم ذلك فتأمل هذا.
ثم إن الظاهر جريان البحث المزبور في إجارة التنجيز بناء على اعتبار اجارة الوارث في الزائد على الثلث فتأمل ، ولما كان قول المصنف « لما لم يرد » موهما لخلاف الواقع فصله بقوله فإن رد في حياة الموصى ، جاز أن يقبل بعد وفاته ، إذ لا حكم لذلك الرد وفاقا للمشهور.
بل وجهه واضح ، بناء على أن القبول معتبر بعد الوفاة خاصة ، ضرورة كون الوجه فيه أن ذلك الوقت محل القبول ، والرد باعتبار التعليق في الإيجاب عليه إذ هو يقتضي عدم حصول المقصود منه قبل حصول المعلق عليه ، كتعليق الحج على الاستطاعة ، ونحو قول السيد اضرب زيدا إن جاء عمرو ، وصل الظهر إذا زالت الشمس ، ونحو ذلك مما لا أمر فيه قبل تحقق المعلق حال الحياة للإعلام بإرادة ذلك عند المعلق عليه ، وللاكتفاء بها عن تجديد الأمر والإنشاء عنده ، ولعله لذا اعتبر في القبول كونه بعد الوفاة ، كالرد ، ضرورة عدم حصول متعلقهما قبلها.
وإن كان منع ذلك كله واضحا ، لمعلومية تحقق الإنشاء بصدور الإيجاب ، والتعليق إنما هو لحصول الأثر لا للإنشاء المقتضي لذلك ، والأوامر المعلقة يتحقق معنى الأمر فيها ، بصدورها ، ولذا يتحقق وصف المطيع والعاصي بالعزم على امتثالها وعدمه ، قيل حصول المعلق عليه ، بل لعل التأمل يشرف الفقيه على القطع بعدم إرادة تعليق معنى الأمرية فيها ، على معنى أن يكون مأمورا عند حصول المعلق عليه ، مع أنه لم يتجدد أمر غير ذلك ، فيرجع إلى صيرورته مأمورا بلا أمر ، وهو معلوم الفساد.
ومن هنا اتجه صحة القبول قبل حصول المعلق عليه ، لتحقق المعنى الإنشائي القابل للقبول ، ولا يستلزم ذلك قبول الرد لعدم الدليل على بطلان حكم الإنشاء بقوله لم أقبله مثلا في مثل المقام ، بل وفي غيره حتى العقود اللازمة ، إذا كان قد وقع على وجه لم يقدح باتصال قبولها