وعلى مراعاة مقتضى العمومات ، فإن ملاحظة جميع ذلك تقتضي ما ذكرناه.
وأما بناء بعض أفراد المسألة ولو بالنسبة إلى بعض الأقوال على مسألة ما لو أوصى إلى عدل ففسق ، التي قد عرفت الاتفاق فيها على الانفساخ من القائلين باشتراط العدالة وعدمه ففيه أن ذلك مبني على تعرف حال الموصى وقصده ، وإرادة تقييده الولاية وعدمها ومحل البحث الآن في كيفية اشتراط الشرائط شرعا. وذلك لا دخل له في قصد الموصى ، ومنه ينقدح خروج تصريح الموصى بالإيصاء إلى مجنون بعد عقله ، وإلى صبي بعد بلوغه ونحو ذلك من محل النزاع في المقام بما عرفته ، من أن الوصاية أشبه شيء بنصب الامارة ، فلا يقدح فيها تعليق ولا غيره لعموم ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) (١) وغيره مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه ، والتصريح به من بعض على وجه المفروغية منه ، فمحله حينئذ ما لو أوصى مطلقا للوصية ، فهل يكفي جمع الوصي الشرائط حال الإيصاء أو لا بد من الجميع حال الوفاة؟ أو من حين الإيصاء إلى حين الوفاة على حسب ما عرفت ، فتأمل جيدا ، والله العالم.
المسألة الثانية قد عرفت فيما تقدم أنه تصح الوصية على كل من للموصى عليه ولاية شرعية بحيث يصح الإيصاء بها كالولد وان نزلوا بشرط الصغر أو البلوغ مع عدم الكمال ، وعدم ولي إجباري فلا يندرج في ذلك ، ـ ولو بملاحظة ما تقدم سابقا ـ أحد الأبوين ، مع وجود الآخر ، والوصي الغير المأذون والحاكم ، لما تقدم من عدم ولاية لهم على التولية بعد الوفاة.
وعلى كل حال فلو أوصى بالولاية على أولاده الكبار العقلاء ، أو على أبيه أو على أقاربه لم تمض الوصية عليهم لعدم الولاية له على ذلك ولو أوصى بالنظر في المال الذي تركه لهم لم يصح له التصرف في شيء منه ، لأنه من الولاية عليهم أيضا بل ولا في ثلثه منه لأنه لا ولاية له عليه مع عدم الوصية به ، وعدم إخراجه عن إرث الوارث ، فلا تصح الولاية عليه مع كونه ملكا للوارث كما في نظائره.
نعم لو أوصى به وأخرجه عن إرث الوارث جاز له نصب ولي عليه ، لكن
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨١.