الوصية به ، وبذلك يفرق بين المعابد وغيرها ، كالقنطرة والخان ، ونحوهما وبين كتابة التوراة مثلا للنقض وغيره ، وقد تقدم في الوقف في نظير المسألة ما له نفع في المقام ، بناء على اعتبار القرية فيه ، فلاحظ ولا فرق في ذلك كله بين المسلم والكافر المشتركين في الفروع عندنا.
نعم قد أمرنا بإقرار أهل الذمة منهم على ما عندهم من الأحكام ، وليس ذلك حكما بالصحة ، وبه يجمع بين من أطلق البطلان كالماتن ونحوه ، وبين من خص ذلك بما إذا كان الموصى مسلما ، والأمر سهل.
وكيف كان فقد عرفت فيما تقدم أن الوصية عقد جائز من طرف الموصى فله الرجوع بها حينئذ ما دام حيا ، سواء كانت بمال أو ولاية بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه ، بل النصوص فيه مستفيضة أو متواترة.
لكن إطلاق العقد عليها بناء على اعتبار الموت في صحة قبولها نوع مسامحة ، إذ هي ما دام حيا ليست إلا إيجابا ، أما بناء على صحته منه في الحياة ووقع منه فصدق العقد عليها حينئذ حقيقة ، ولعل ذلك هو المراد للمصنف ، ويستفاد حكم الإيجاب وحده حينئذ بطريق أولى ، وإن كان قد عرفت فيما تقدم الإشكال في كونها من العقود المتعارفة من غير هذه الجهة ، فلا حظ وتأمل.
وخص الموصى مع أن حكم الجواز مشترك بينهما في الجملة ، لبيان أنها بالنسبة إليه لا تكون إلا جائزة ، سواء حصل لها قبول أولا ، بخلافها بالنسبة إلى الموصى له ، فإنها قد تكون جائزة كما في حال الحياة حصول منه قبول أو لا ، وبعد الوفاة قبل القبول أو بعده قبل القبض ، بناء على اعتباره في الملك ، ولا زمه بعد الوفاة والقبول والقبض ، أو الأولين فقط بناء على عدم اعتبار القبض في الصحة واللزوم ، كما هو الأصح على ما عرفته سابقا والله هو العالم.
ويتحقق الرجوع من الموصى بالتصريح به لفظا بلا خلاف نحو رجعت أو نقضت ، أو فسخت ، أو لا تعطوه ما أوصيت به له ، أو بما يفيده ظاهرا أيضا نحو : هذا لوارثي ، أو ميراث عني أو حرام على الموصى له ، أو نحو ذلك مما يستلزم بطلان الأولى ، خلافا لبعض الشافعية ، فلم يبطلها بالمثال الأول ، قياسا على عدم البطلان فيما لو أوصى