وفيه ما لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه من عدم الدليل على الشرطية في الفرض وعلى تقديره فالمتجه عوده ثم قبضه ، ولو سلم كفاية الاذن في الاستدامة في تحقق مسماه ، فيمكن منع دلالة الإيجاب والإقرار على مقتضى القبض السابق على ذلك ، وإلا لاتجه كلام أبي حنيفة المتقدم سابقا ، على أنه لا يتم فما لو فرض خلو الواهب عن ذلك المشمول لإطلاق المصنف وغيره.
ومن هنا ناقش في الرياض في أصل الدليل بعد أن حكاه عنهم : « بأن دعوى حصول القبض المشترط أول البحث » لعدم عموم يدل على كفاية مطلقه لا من إجماع ولا من غيره للخلاف ، وظهور النصوص المشترطة له بحكم التبادر في القبض بعد العقد فاللازم في غيره الرجوع إلى حكم الأصل الدال على عدم الصحة ، أو اللزوم إلى أن يتحقق القبض المتيقن إيجابه لهما ، وليس إلا المجمع عليه وهو القبض الخاص به ، أو المأذون فيه ثانيا للهبة ، ولعله لذا اعتبر بعض الأصحاب ما أسقطه الأكثر ، وهو أظهر ، إن لم يكن إجماع المتأخرين على خلافه انعقد ، إلى أن قال : ويحتمل قويا المصير إلى مختار الأكثر لما مر في الوقف وسيأتي في هذا البحث من الاكتفاء بقبض الولي الواهب مع سبقه على العقد ، للنصوص الدالة عليه ، المعللة بعضها له بحصول القبض ، من دون أن يذكر فيها ما مر من القيود ، وهذا التعليل جار في المفروض والعلة المنصوصة يتعدى إلى غير المورد كما تقرر في الأصول ».
وإن كان فيه مواضع للنظر لمن أحرز ما قدمناه في الوقف وفي المقام ، وما يأتي ، وقد تقدم نظير هذه المسألة في الرهن وفي الوقف فلاحظ وتأمل كي تعرف الحال في القبض الغصبي أيضا الذي قد صرح هنا غير واحد بعدم الفرق بينه وبين غيره ، بل لم أجد فيه خلافا إلا ما عساه يظهر من ثاني الشهيدين في الروضة من المسيل إلى الفرق بينه وبين غيره ، وباعتبار أنه لا يدل للغاصب عليه شرعا ، بل ظاهره أنه قول البعض ، وإن كنا لم نتحققه ، بل لا وجه معتد به له بناء على حصول الاذن من العقد فيه ، إذ لا فرق في اقتضائها تغيير الاستدامة عن الابتداء بين الجميع كما أن الوجه عدم الفرق أيضا على ما ذكرناه وهو واضح والله العالم.
وكذا الحال لو وهب الأب أو الجد للولد الصغير ولو أنثى ما هو في يده لزم بالعقد بلا خلاف أجده فيه لنحو ما سمعته فيما تقدم ولذيل موثق داود (١)
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الهبات الحديث ـ ٢.