ذلك بحيث لا يجوز له أن يجعل وصايا له عليه ، مع أن المطابق للحق من التركة ، كالخارج عن مال الطفل ، ولعل هذا لا يخلو من قوة ، وإن كان الأول لا يخلو عن وجه والله العالم.
وعلى كل حال فقد ظهر لك من مطاوي البحث أن الوصاية كالوكالة ، بل قد تزيد عليها بأشياء فحينئذ إذا أوصى بالنظر في شيء معين ، اختصت ولايته به ولا يجوز له أي الوصي التصرف في غيره ، وجرى مجرى الوكيل في الاقتصار على ما يوكل فيه وكذا لو خصها بزمان دون زمان ، أو حال دون حال ، إذ هي كما عرفت شبيهة بنصب الأمراء ، كل ذلك لعموم « ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) (١) » وغيره كما هو واضح. والله العالم.
( مسائل ثلاث )
الأولى : الصفات المراعاة في الوصي من التكليف والإسلام والحرية ونحوها تعتبر حالة الوصية ، وقيل : حين الوفاة ، فلو أوصى إلى صبي مثلا فبلغ ثم مات الموصى صحت الوصية ، وكذا الكلام في الحرية والعقل وقيل : من حين الوصية إلى حين الوفاة ، وقيل : إلى حين نفوذ الوصية وانتهائها ، وقيل : من حين الوفاة إلى حين الانتهاء.
والأول أشبه عند المصنف والأكثر كما في المسالك قضاء للشرط المعتبر تقدمه على المشروط ، أو مقارنته ، فإذا كانت هذه شرائط لصحة الوصية ، ولم تكن موجودة حال إنشائها وقت الوصية عن التفويض إلى من ليس بالصفات ، والنهي المتوجه إلى ركن المعاملة يقتضي فسادها كما هو مقرر في محله ، ولأنه يجب في الوصي أن يكون بحيث لو مات الموصى كان نافذ التصرف ، مشتملا على صفات الوصاية ، وهو هنا منتف ، لأن الموصى لو مات في هذه الحالة لم يكن الوصي أهلا له.
والجميع كما ترى مشترك في كونه مصادرة على المطلوب ، ضرورة أن كون هذه الشروط شروطا للنصب حال إنشائه أول البحث ، وكذا كونه منهيا وقت ذلك عن النصب ، بل وكذا الأخير ، مع أنه نظر فيه في المسالك بأنه من يكتفي بوجودها حالة الموت يحصل على مذهبه
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨١.