أما لو قبل وقبض ثم رد لم تبطل إجماعا لتحقق الملك واستقراره.
نعم ربما احتمل بعضهم ذلك ، لكن الأمر في ذلك سهل ، إذ على كل حال لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت ولورد الموصى له بعضا مما أوصى له وقبل بعضا صح فيما قبله خاصة ، وكذا لو رجع الموصى ببعض دون بعض ، لإطلاق أدلة الوصية وإنفاذها الشامل للفرض ، لا لعدم اعتبار المطابقة بين إيجابها وقبولها باعتبار كونها من التبرعات المحضة ، بخلاف عقود المعاوضة ولذا لم يجز للقابل فيها الاقتصار على بعض ما ذكره الموجب ، ولو بما يخصه من الثمر ، بل لما عرفت وتعرف ، ضرورة اعتبارها في جميع العقود من غير فرق بين الجميع ، لاتحاد المدرك فيها ، إلا أنه في المقام لم يصدر من الموجب غير تعلق قصد الإيصاء بكل منهما ، من غير مدخلية لاجتماعهما وانفرادهما ، بخلافه في عقد المعاوضة الظاهر بسبب الجمع بالعوض في أن القصد قد حصل عليهما من حيث الاجتماع ، وإن لم يكن ذلك على جهة الشرطية ومن هنا لو فرض تشخيص الثمن لكل منهما كما لو قال : بعتك العبد بمائة ، والجارية بخمسين ، فقبل أحدهما بثمنه لم يبعد الصحة ، بحصول المطابقة بالنسبة إلى ما قبله وعدم قبول الثاني ليس من المخالفة بين الإيجاب والقبول الممتنعة ، وإن كان الإنصاف عدم خلوه من الإشكال ، بل قد يقوي عدم حصول المطابقة إلا مع تعدد إنشاء للإيجاب.
نعم يقوي في الوصية عدم كونها من العقود المعتبر فيها المطابقة لتحقق معنى اسم العقد الذي هو الإيجاب ، وقبول ذلك الإيجاب بها.
ومن ذلك يظهر الإشكال هنا في صحة جزء معين من الموصى به باسم كله ، كما لو قال الموصى : بساطي مثلا لزيد ، فقال الموصى له : قبلت هذا الجزء المعين منه ، فإنه لا مطابقة بين الإيجاب والقبول حينئذ ، بل لا إيجاب بهذا الجزء إلا ضمنا وفي الإكتفاء به ظهر ، وإن قلنا إنها ليست من العقود ، بل في الاجتزاء بها في الإذن ونحوه منع.
أما لو قبل جزءا مشاعا منه مقدرا بالثلث أو الربع منه مثلا ، فهو أقرب إلى الصحة منه ، كما يشهد له صحة الوصية بالثلث بأزيد منه ، فقبل الموصى له ، ولم يجز الوارث الزائد ، وإن كان قد يفرق بأن الموصى له قد طابق قبوله الإيجاب ، لكن لم يسلم له باعتبار عدم اجازة الوارث ،