المتأخرة مع فرض عدم إجازة ، لأن الوصية الصادرة أولا نافذة لوقوعها من أهلها في محلها وهكذا ما بعدها إلى أن تبقى المتأخرة بلا موضوع تتعلق به ، فتختص بالبطلان.
ولخبر حمران (١) عن أبي جعفر عليهالسلام « في رجل أوصى عند موته وقال : أعتقوا فلانا وفلانا حتى ذكر خمسة ، فنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم ، قال : ينظر الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون ، وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شيء ذكر ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ، وان عجز الثلث كان ذلك في الذي سمي أخيرا ، لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلا يجوز له ذلك ».
معتضدا ومنجبرا بعدم الخلاف المعتد به بين الأصحاب فيه كما أن اشتماله على التعليل يدفع احتمال اختصاصه بما فيه ، بل منه يعلم عدم الفرق بين الوصية العهدية والتمليكية ، ضرورة كون الموضوع فيه الأولى ، ولعله كذلك سيما بناء على ما تقدم منا سابقا من عدم كون الوصية من العقود ، وإن اعتبر رضا الموصى له في حصول الملك ، لأن كلام منهما سبب في حصول أثر الإيصاء فكل متقدم يترتب عليه أثره فيختص البطلان بالأخير الذي لم يصادق موضوعا ، كما صرح به في الصحيح المزبور ، ومنه يعلم كون المدار على ذلك من غير خلية لقصد الموصى ، بل قد يعلم خلوه عن قصد الترتيب.
نعم لو صرح ارادة الترتيب اتبع ، وإن رتب في اللفظ بأدائه من الفائدة وثم ونحوهما وربما ذكرنا ظهر وجه الفرق بين الوصية ، وإن كانت عهدية وبين أمر السيد عبده مثلا بإعطاء زيد درهما من مال مخصوص وعمروا كذلك وخالدا أيضا الذي لم يرد منه إلا الامتثال ، فلا فرق بين الأول والأخير في صدقة ، فيقع القول على الجميع ، كما في صورة عدم الترتيب في المسألة بخلاف الفرض الذي فيه ترتب آثار للسبب وإن لم يتم ، إلا بالموت والقبول ، بل يستفاد من التعليل كون الحكم كذلك في الوصية بالزائد عن الثلث مع الإجازة وقصور المال.
فإنه يبدأ بالأول فالأول ، ضرورة كون الأخير هي التي لم تصادف محلا فتختص بالبطلان
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.