انقرضوا أجمع في أثنائها فإن قلنا أن الموقت يبطل الإجارة في الملك المطلق فلا كلام ضرورة أولوية المقام منه وإن لم نقل فهل يبطل هنا؟ فيه تردد من إطلاق ما دل على صحة الإجارة ولزومها عموما وخصوصا ، ومن انكشاف دخول غير ما لهم من المدة في مدتهم أظهره البطلان كما في الخلاف والمبسوط والتذكرة والتحرير والإرشاد والدروس والإيضاح واللمعة وجامع المقاصد والروض والروضة والمسالك ، بل لا أجد فيه خلافا.
لأنا بينا أن هذه المدة ليست للموجودين ضرورة اقتضاء الوقف تسبيل المنفعة للموقوف عليه مدة العنوان الذي يجعله الواقف لا أزيد ، والبطن الثاني يتلقى عن الواقف كالأول ، ولذا لا تمضي إجارته مدة يعلم بالعادة زيادتها على حياته مثلا بل قد يتوقف في صحة غير ذلك لو صرح الواقف بإرادة تمليك البطن الأولى على حسب الملك المطلق ، بناء على عدم مشروعية عقد الواقف لمثل هذا التمليك ، وإن كان لا يخلو من نظر.
لكن لا إشكال في حمل قصد الواقف مع الإطلاق على ما ذكرنا ، وحينئذ فإجارته في الفرض وقعت على ما له وما ليس له ، بخلاف المالك الذي هو مسلط على أمواله ، والوارث إنما يرث ما يجده على ملكه ، فمع فرض زيادة مدة الإجارة على موته لم يكن للوارث شيء إذ المنفعة صارت ملكا للغير بعقد الإجارة ، وليست من تركة الميت.
وحينئذ فيكون في الفرض للبطن الثاني الخيار بين الإجازة في الباقي وبين الفسخ فيه لأنه من الفضولي ، وهو المراد من البطلان المزبور.
وإن كان قد يشكل أولا : بعدم المجيز له في المال بناء على اشتراط ذلك في الفضولي وفرض عدمه ، اللهم إلا أن يجعل الناظر الولي على ذلك ، إلا أنه كما ترى.
وثانيا : بعدم الملك والمالك حال العقد ومجرد تأهل العقد لملكهم لو وجد وإلا يجعله من الفضولي ، اللهم إلا أن يدعى تناول أدلته لمثله ، وتكون الإجازة حينئذ كاشفة حال انقراض البطن الأول ، لا حال وقوع العقد ، وفيه بحث ، ولعله لذا حكى عن جماعة البطلان ، الذي لا يترتب عليه أثر بالنسبة إليهم ، لا بالمعنى الذي سمعته من المصنف.