فضولا ، وكذا إن كان أجنبيا وقد عوض أو نحو ذلك مما تكون الهبة به لازمة ، ضرورة وقوع البيع حينئذ على مال الغير ، أما لو كان أجنبيا ولم يعوض فلا إشكال في زوال ملك المتهب بل في المسالك وعن ظاهر المحكي عن التذكرة الاتفاق عليه.
وإنما الكلام في صحة البيع وفساده ، وإليه أشار المصنف بقوله قيل : والقائل الشيخ والقاضي ويحيى بن سعيد على ما حكى عنهم يبطل البيع لأنه باع ما لا يملك ولأن الشيء الواحد لا يحصل به الفسخ والعقد ، ولذا كان المصلي يخرج بتكبيرة الإحرام الثانية من الصلاة ، ولا يدخل بها فيها ، ولأن البيع موقوف على الملك الموقوف على الفسخ ، المتأخر عن البيع ، باعتبار كونه سببا فيه ، والسبب متقدم على المسبب ، فلو كان الفسخ سببا في صحته لزوم الدور.
وقيل : يصح لأن له الرجوع ولكن لم أعرف القائل به ممن تقدم على المصنف نعم هو خيرة الفاضل في جملة من كتبه وولده والشهيد في الحواشي والمحقق الثاني والشهيد الثاني والخراساني على ما حكى عن بعضهم لعموم (١) ( أَوْفُوا ) ولأن العقد يدل على تحقق إرادة الفسخ ، قبل العقد ، فيكشف العقد عن حصول الفسخ بالقصد إليه قبل البيع ولأنه إذا تحقق الفسخ بهذا العقد انتقلت العين إلى ملك الواهب فيصير العقد بمنزلة الفضولي ، وقد ملكه من إليه الإجازة ، بل هو أولى ، لأن بايع ملك غيره قد لا يقصد بيعه على تقدير كونه مالكا لها ، بخلاف الفرض فإنه قاصد إلى البيع مطلقا ، ولأن ثبوت الفسخ فرع صحة العقد في نفسه لأنه أثره ، فلو كان البيع فاسدا لم يترتب عليه أثر ولأنه بأول جزء منه تنفسخ الهبة فيكون المحل قابلا لمجموع العقد.
ولكن مع ذلك كله الأول أشبه بأصول المذهب وقواعده عند المصنف لما عرفت ، إلا أنه قد يناقش فيه بأن المسلم من الأول ما إذا اتحد مورد الفسخ والعقد لا مع التعدد ، كما في الفرض الذي هو فسخ الهبة وانعقاد البيع ، وعدم الانعقاد بالتكبيرة الثانية
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.