مع أنه مكلف بالفروع ، ودعوى عدم قابلية الحربي للملك واضحة المنع ، وإن ورد أنهم ومالهم فيء للمسلمين ، بمعنى إباحة ذلك للمسلمين ، لا أنهم تجري أحكام المماليك حقيقة عليهم.
والمراد بتنفيذ الوصية الحكم بكونها للموصى له فلا ينافي في ثبوت استحقاق على الموصى له بمقاصة ونحوها ، ومنه ما نحن فيه ، إذا لا منافاة بين صيرورة المال له بحسب الوصية وبين جواز خذ المسلم له بعد ذلك.
وخبر إبراهيم بن محمد (١) « قال : كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن عليهالسلام يسأله عن يهودي مات ، وأوصى لديانه بشيء فكتب عليهالسلام أوصله إلي وعرفني لأنفذه فيما ينبغي إن شاء الله » كخبر محمد بن عيسى (٢) قال : « كتب علي بن بلال إلى أبي الحسن علي بن محمد عليهالسلام يهودي مات وأوصى لديانه بشيء أقدر على أخذه هل يجوز أن آخذه فأدفعه إلى مواليك؟ أو أنفذه فيما أوصى اليهودي فكتب عليهالسلام أوصله إلى وعرفنيه لأنفذه فيما ينبغي إن شاء الله ».
لا صراحة فيهما بالبطلان ، بل ولا ظهور على أن المراد من الديان أهل دينه وملته ، وعن الشيخ حملها على إنفاذه في الدين ، لأنه أعلم بكيفية القسمة بينهم ووضعه مواضعه ، وحينئذ يكون خارجا عما نحن فيه.
ومما عرفت يظهر لك قوة القول بالجواز مطلقا من غير فرق بين الحربي وغيره والقريب وغيره ، وإن دل على الجواز في الأول زيادة على ما عرفت عموم ما دل على صلة الأرحام ، وبرهم وإعطائهم ، والوصية لهم من الكتاب والسنة ، حتى قوله تعالى (٣) ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ ) إلى آخر الآية لكن ذلك لا يقتضي اختصاصهم بالجواز كما هو واضح.
ومن الغريب اعتماد بعض الأساطين على المنع في الحربي على ما حكم عن الشيخ في بعض كتبه من قوله « لا تجوز للحربي عندنا » باعتبار إشعاره بالإجماع وفيه من أن الشيخ هو الذي حكى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا.
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٠.