فقال : إن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان ، وإن كان يبلغ ما يحج به ، فأنت ضامن ».
بل قد يؤيده في الجملة ، ما في جملة وافرة من الاخبار (١) مما يدل أن ما أوصى به للكعبة أو كان هديا أو نذرا يباع إن كان جارية ونحوها ، وإن كان دارهم يصرف في المنقطعين من زوارها ، على أن القسم الأول الذي قد اعترف بصحة كلام الأصحاب فيه مبني على ذلك ، ضرورة عدم مدخلية زعمه لدوام المصلحة في صحة الوقف بعد فرض بيان فساده ، ولو لاتفاق خلاف العادة ، إذ لو لم يكن مبني الصحة ما ذكرناه توجه بطلانه لعدم الموقوف عليه حينئذ ولو في الفرض النادر. هذا.
وربما احتمل وجوب الصرف في الفرض إلى ما شابه تلك المصلحة فيصرف وقف المسجد في مسجد آخر ، والمدرسة إلى مثلها ، اقتصارا على المتيقن ، لاحتمال إرادة المثالية فيما ذكره مصرفا في الوقف المراد تأبيده أو لفحوى ما دل على صرف آلات المسجد بعد اندراسه أو خرابه في مسجد آخر ، على ملاحظة الشارع الأقرب إلى نظر الواقف.
ولكن قد عرفت إطلاق فتوى الأصحاب الذي مبناه ما قلناه ، من استواء القرب كلها في عدم تناول عقد الوقف لها ، وعدم قصده إليها بخصوصها ، فلا أولوية لبعضها على بعض بالنسبة إلى ذلك ، ومجرد المشابهة لا دخل لها في تعلقه بها ، فيبطل القيد ، ويبقى أصل الوقف من حيث القربة ، فيصرف في كل فرد منها ، ولعل ذلك منشأ ما ذكرناه من الأصل ، ونوقش بأن تحري الأقرب فالأقرب ليس من حيث المشابهة ، بل من حيث دخوله في نوع المصلحة الخاصة ، وإن تميزت عنه بالخصوصية ، فإذا زالت بقي أفراد النوع الآخر الممكنة داخلة ، فكان الوقف تضمن أشياء ثلاثة ، القربة والمسجدية مثلا ، وخصوصية المسجد ، فإذا زال الأخير بقي الأول ، لقاعدة « الميسور » و « ما لا يدرك ».
بل في المسالك ولعل هذا أقرب ، وتبعه في الرياض ، الا أنه أشكله في الأول بأنه آت في المصلحة التي تعلم انقطاعها أيضا ، مع أن حكم منقطع الآخر متناول لها ، الا أن يخص هذا بما
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.