إلى الإمام الكاظم عليهالسلام : « استوص به ، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك » (١).
لكن بعد انتشار خبر إمامة أبي الحسن الكاظم عليهالسلام وتوسع قاعدته والتفاف وجوه أصحاب أبيه عليهالسلام حوله ، ورجوع من قال بإمامة غيره إليه ، فقد روى النص ونقله ما لا يحصون كثرة من أصحاب الصادق عليهالسلام ، قال أمين الإسلام الطبرسي : « إن الجماعة التي نقلت النص عليه من أبيه وجده وآبائه عليهمالسلام قد بلغوا من الكثرة إلى حد يمتنع معه منهم التواطؤ على الكذب ، إذ لا يحصرهم بلد ومكان ، ولا يضمهم صقع ، ولا يحصيهم إنسان » (٢).
إذن كان النص على أبي الحسن عليهالسلام خاصاً في أول صدوره ، ولم يصدر بين ليلة وضحاها ، بل استغرق مدة طويلة ، وكان الصادق عليهالسلام في كل مناسبة يحيط أصحابه علماً بذلك منذ أن أشرقت الدنيا بولادة الكاظم عليهالسلام ، وحيث كان في المهد ، ويوم كان صبياً صغيراً وخماسياً وغلاماً ، وحين أدرك ما يدرك الرجال ، وأخيراً في مرضته التي مات فيها ، كما صرحت النصوص المتقدمة. والطابع العام في كل تلك النصوص ، هو زيادة التأكيد على ضرورة الكتمان حتى عن عامة الشيعة ريثما يتهيأ الجو المناسب لذلك ، خوفاً من مكائد السلطة الحاكمة التي كانت تتربص بالامام عليهالسلام وتراقبه أشد المراقبة ، وتبيت الغدر والعدوان على حياته ، سيما في السنين الأخيرة من حياته المباركة.
ولعل رواية هشام بن سالم خير مؤشر على ذلك ، قال حين أومأ إليه رجل هو رسول الإمام الكاظم عليهالسلام : « رأيت رجلاً شيخاً لا أعرفه ، يومئ إليّ بيده ، فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور ، وذلك أنه كان له بالمدينة
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٠٨ / ٤.
(٢) اعلام الورى ٢ : ١٠.