قلب المتكبر الجبار ، لأن الله جعل التواضع آلة العقل ، وجعل التكبّر من آلة الجهل ، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجّه ، ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنّه؟ وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ، ومن تواضع لله رفعه » (١).
وكان عليهالسلام يتأسّى بسيرة الأنبياء وسلفه الصالحين ، فيفلح أرضه ويحرثها بيديه ، قال علي بن أبي حمزة : « رأيت أبا الحسن عليهالسلام يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت : جعلت فداك ، أين الرجال ؟ فقال : يا علي ، قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي فقلت : ومن هو ؟ فقال : رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ، وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم ، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين » (٢).
وفي تعامله عليهالسلام مع سائر الناس يجسد أخلاق جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأبيه أمير المؤمنين علي عليهالسلام حيث يقول : « الناس صنفان : إما أخ لك في الدين ، وإما نظير لك في الخلق » (٣).
قال الحرّاني في تحف العقول : «روي أنه عليهالسلام مرّ برجل من أهل السواد دميم المنظر ، فسلّم عليه ، ونزل عنده ، وحادثه طويلاً ، ثم عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت له ، فقيل له : يا بن رسول الله ، أتنزل إلى هذا ، ثم تسأله عن حوائجه ، وهو إليك أحوج ؟!. فقال عليهالسلام : عبد من عبيد الله ، وأخ في كتاب الله ، وجار في بلاد الله ، يجمعنا وإياه خير الآباء آدم عليهالسلام ، وأفضل الأديان الإسلام ، ولعل الدهر يرد من حاجاتنا إليه ، فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين
__________________
(١) تحف العقول : ٣٨٣ ـ ٤٠٢ ، الكافي ١ : ١٠ ـ ١٥.
(٢) الكافي ٥ : ٧٥ / ١٠ ، من لا يحضره الفقيه ٣ : ١٦٢ / ٣٥٩٣.
(٣) نهج البلاغة / شرح محمد عبده ٣ : ٨٤ / ٥٣.