المجتمع وسلوك أفراده ، وقد حفّزت تلك الأوضاع قطاعات واسعة من الناس على الثورة في عدة أجزاء من جسم الدولة ، ففي سنة ( ١٧٨ ه ) وثبت الناس في مصر بولاتها عدة مرات بسبب ثقل الضرائب والالتزامات المالية (١).
وأخذ الرشيد العمال والدهاقين وأصحاب الضياع والمبتاعين للغلات وغيرهم ، وكان عليهم أموال مجتمعة ، فولى مطالبتهم عبد الله بن الهيثم بن سام ، فطالبهم بصنوف من العذاب (٢).
والذي يزيد من فقامة الأوضاع كثرة الأمراض التي تحصد آلاف البشر ، فعن سنة ( ١٥٨ ه ) قال الواقدي : وأصاب الناس في هذه السنة وباء شديد فتوفي فيه خلق كثير وجمّ غفير (٣) ، وفي سنة ( ١٦٧ ه ) وقع وباء شديد وسعال كثير ببغداد والبصرة (٤) ، وأصاب الناس في آخر سنة ( ١٦٨ ه ) وباء وموت كثير وظلمة وتراب أحمر (٥).
وفي خضمّ التدهور الذي تعاني منه الأمة على صعيد أحوالها المعاشية ، نجد الإمام الكاظم عليهالسلام يقدم النصح للرشيد حينما تتهيأ له فرصة الكلام عند قدوم الرشيد إلى المدينة في الموسم فقابله الإمام الكاظم عليهالسلام وجهاً لوجه قائلاً : « إن الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأُمّة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدّوا عن المثقل ، ويكسوا العاري ، ويحسنوا إلى العاني ، وأنت أولى من يفعل ذلك. ولا يتردد الرشيد من أن يقول : أفعل
__________________
(١) البداية والنهاية ١٠ : ١٨١ ـ ١٨٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٥.
(٣) البداية والنهاية ١٠ : ١٣٧.
(٤) البداية والنهاية ١٠ : ١٥٩.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠١.