والحق أن الدولة إنما تغالط بسحبها التهمة إلى الطائفة جمعاء ، بينما الذي يزعم ذلك فرقة ضالة تسمى الواقفة ، ادعوا أن الكاظم عليهالسلام حي يرزق ، وأنه هو القائم من آل محمد عليهمالسلام ، وأن حبسه غيبته ، وقد روّج لهذه الفكرة بعض أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام كعلي بن أبي حمزة البطائني ، وزياد بن مروان القندي ، وعثمان بن عيسى الرواسي وغيرهم بسبب رغبات مادية كان لها الأثر في نفوسهم الضعيفة ، حيث تجمعت لديهم أموال طائلة من الحقوق المالية ، لأنهم كانوا من وكلاء الإمام الكاظم عليهالسلام وخزنة أمواله في وقتٍ كان فيه الإمام عليهالسلام مودعاً السجن ، وبعد شهادة الإمام عليهالسلام أبوا عن تسليم تلك الأموال لولده القائم بعده علي الرضا عليهالسلام ، وشدّدوا على إنكار موته ، وقد انقرضت هذه الفرقة بمرور الأيام ، بعد ظهور زيف مدعياتها.
وقد تنبّه الشيخ المفيد إلى هذا الأمر ، فتعرّض له أثناء ذكره شهادة الإمام الكاظم عليهالسلام بقوله : « وقد كان قوم زعموا في أيام موسى عليهالسلام أنه القائم المنتظر ، وجعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم ، من هنا أمر يحيى بن خالد أن ينادى عليه عند موته : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا إليه » (١).
وهناك صورة اُخرى قبيحة للنداء على نعش الإمام عليهالسلام ، من قبل السلطة العباسية ، رواها الشيخ الصدوق عن عبد الله الصيرفي. تعبر بوضوح عن حقارة دولتهم ودناءة سلاطينها وحقدهم على أهل البيت عليهمالسلام ، ويكتفي بذلك أن إباحة قتل الإمام الكاظم عليهالسلام بلا ذنب ، وتوغّلت في دماء آل أبي طالب بظلم صارخ ووحشية مروعة ، حتى قال الشاعر :
يا ليت جور بني مروان عاد لنا |
|
وليت عدل بني العباس في النار |
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٠.