ومعلمه ومربيه ، رضع الرشيد من زوجة يحيى مع ابنها الفضل ، فكان يدعوه : يا أبي ، ولما تولى الهادي أخذ يحيى بن خالد بن برمك فحبسه في بيت ضيق لا يقدر أن يمدّ رجليه فيه ، فأقام أياماً ، وأشرف عليه فيها بالقتل عدة مرات ، وذلك لما تناهى إلى سمعه من أن يحيى يمنّي نفسه بالوزارة وهارون بالخلافة (١).
وفي سنة ( ١٧٠ ه ) ولي هارون الخلافة فدفع خاتمه إلى يحيى وألقى إليه أزمّة الملك وولاّه الوزارة ، وأمره بمشاورة والدته الخيزران ، فكانت هي المشاورة في الاُمور كلها ، فتبرم وتحلّ وتمضي وتحكم ، وبقي على ذلك حتى توفّيت الخيزران سنة ( ١٧٣ ه ) (٢) ، ثمّ استأثر يحيى بأمور الخلافة كلها وانقادت له الدولة ، يحكم بما يشاء فلا ترد أحكامه ، واستمر إلى أن نكب الرشيد البرامكة سنة ( ١٨٧ ه ) فقبض عليه وعلى ابنه الفضل (٣) ، وأخذهما معه إلى الرقة فسجنهما واستصفى أموالهما وأموال البرامكة كافة وقبض ضياعهم (٤).
وقد توقع الإمام عليهالسلام هلاكهم على يد الرشيد ، روى الشيخ الطوسي عن موسى بن يحيى بن خالد : « أن أبا إبراهيم عليهالسلام قال ليحيى بن خالد في حديث : ياأبا علي ، انظر إذا سار هذا الطاغية إلى الرقة وعاد إلى العراق لا يراك ولا تراه لنفسك ، فإني رأيت في نجمك ونجم ولدك ونجمه أنه يأتي عليكم فاحذروه » (٥). ومع هذا ، فقد كان ليحيى بن خالد دور فاعل في قتل الإمام الكاظم عليهالسلام.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٦.
(٢) البداية والنهاية ١٠ : ١٧١.
(٣) استوزره هارون مدة وجيزة ثم ولاّه خراسان.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٢١ ، البداية والنهاية ١٠ : ١٨٣ ، الاعلام / الزركلي ٥ : ١٥١ و ٨ : ١٤٤.
(٥) غيبة الطوسي : ٢٥ / ٥.