الكوفة في رمضان سنة ( ١٤٥ ه ) ، فلم يجد ناصراً ، فقصد البصرة فبايعه أهلها ، وخضعت له الأهواز وفارس وكسكر وواسط وما حولها ، وخرج من البصرة وكان قد أحصي ديوانه فكانوا ستين ألفاً ، وأسرع الناس إلى نصرته وآزره في ثورته سائر أهل العلم والفقهاء وأصحاب الحديث ونقلة الآثار ، فكانت ثورة عارمة كادت تقوّض أركان الحكم العباسي ، فأخذ صوب كسكر وليس له هّم إلاّ لقاء المنصور ، فتحول المنصور إلى الكوفة ، وندب إليه عيسى بن موسى وسيره في ثمانية عشر ألفاً من الجند ، وزحف إبراهيم حتى صار إلى قرية يقال لها باخمرى قاصداً الكوفة ، فكانت بينه وبين جيوش المنصور وقائع هائلة ، والدائرة على عيسى بن موسى الذي نكص برايته القهقرى وهزم وأصحابه هزيمة قبيحة حتى دخل أوائلهم الكوفة ، وبان للناس علوّ إبراهيم وظفره ، أما المنصور فكان لا ينام في تلك الليالي ، وأمر بإعداد الإبل والدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها ، ثم أن خيلاً خرجت على أصحاب إبراهيم من احدى الجهات ، فتوهم أصحاب إبراهيم كميناً فانهزموا ، وبقي ابراهيم في أربعمائة من الزيدية يحارب أشدّ محاربة إلى أن سقط وهو يتلو قول الله تعالى : ( وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا ) (١) ، وأخذ رأسه فوجّه به إلى المنصور وهو بالكوفة فوضع بين يديه ، وأذن للناس فجعلوا يدخلون فينالون من إبراهيم وأخيه وأهله ، ثم أمر برأس إبراهيم فنصب بالسوق ، ودفن بدنه الزكي بباخمرى.
وتوقع الإمام الصادق عليهالسلام قتله منذ زمان بني أمية ، فقد قال فيه وفي أخيه محمد : « إن هذا ـ يعني المنصور ـ يقتله على أحجار الزيت ، ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف وقوائم فرسه في الماء. فكان كما قال عليهالسلام.
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٨.